علي مر مئات السنين كان الأجداد ولوقت قريب يستخدمون «القلة والزير» في شرب المياه . وكان شرب المياة م القلة «مزاج» حيث تقوم القلة بتنقية الماء وتبريده ..وتصنع من الفخار وكانت محافظة قنا مشهورة بهذه الصناعة وكذلك بعض المناطق الاخري مثل ميت غمربالدقهلية والمنوفية ..وهناك أشياء اخري تصنع من الفخار ..ومع مرور الزمن وظهور الثلاجات والمبردات وإنتشارها في كافة المدن والقري والنجوع..بدأت صناعة الفخار في التراجع وأوشكت علي الإندثار ..توجهنا إلي احد باعة الفخار علي طريق قليوب والقناطر الخيرية يفترش القلل والأزيار وكافة منتجات الفخار امام منزله. بدأ مصطفي محمد البوري «43 سنة - مدرس» حديثه قائلا: توارثت مهنة الفخار عن أجدادي وأبي منذ 100 عام ..لم أتذكر جدي ولكن كنت أساعد والدي انا وأشقائي لان والدي كان يفترش بضاعته في الأسواق المختلفة والمنتشرة بمحافظة القليوبية ..وبالرغم من معاونته إلا أنه كان حريصا علي تعليمنا ولكن القدر لم يمهله ان يرأنا وقد حصلنا علي مؤهلات عليا وعملنا بمهنة التدريس ..لقد إختطف الموت أبي وعمره «33 سنة» وتولت امي وعمتي تربية خمسة أبناء وكانت تذهب إلي الأسواق لتبيع منتجات الفخار وحرصت علي تحقيق حلم ابي في إستكمال تعليمنا وجاهدت هي وعمتي حتي حصلنا علي الشهادات العليا ..ويستطرد البوري حديثه قائلا :لم نقم انا وأشقائي بأعطاء الدروس الخصوصية وفضلنا عليها الإستمرار في مزاولة مهنة الأجداد والأباء وبالرغم من البداية البسيطة إلا ان مع الصبر والكفاح توسعنا في المهنة وكنا نقوم بالسفر إلي القري المختلفة لبيع منتجات الفخار لتحقيق الربح حتي نساعد امي وعمتي علي المعيشة والان إستقر بنا المقام أمام منزل الأسرة . وتدخلت عمة البوري الحاجة دولت «65سنة» في الحديث قائلة منذ رحيل الأجداد والاباء ومع إنتشار الثلاجات والمبردات بدأت مهنة الفخار في الإندثار ..وضربت العمة دولت مثلا علي بعض المنتجات التي إندثرت مثل «بولات الأفران» والقدر التي كانت يدمس فيها الفول وكذلك الطواجن التي كانت تطهي فيها المأكولات و«الزلع التي كان يخزن بها العسل والمش» وإستبدلها الناس بمنتجات الزجاج والبلاستك وتدريجيا سوف تنقرض القلل والأزيار وتتنهد الحاجة دولت وتتذكر أيام الخوالي عندما كانت مهنة الفخار منتشرة وتلقي رواجا بينما الان لا نبيع إلا في بداية فترة الصيف والحمد لله مستورة وبإختصار العائد من البيع أصبح ضئيلا جداولكنها مهنتنا التي عشقناها وتربينا عليها ولا نعرف سواها إلي ان يقضي الله أمرا كان مفعولا . وإلتقط مصطفي البوري طرف الحديث من عمته مؤكدا ان هذه المهنة كانت لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في أن نعيش مستورين ونستكمل تعليمنا أنا وأشقائي «كامل وسعيد» وكذلك شقيقاتي وإلي جانب وظيفتنا نحن مستمرون في بيع منتجات الفخار حيث لاح أمل في الأفق بظهور طلبات جديدة علي الشفق والفخار والخزف الأسكندراني مما يجعلنا مستمرون في المهنة ولكن اولادنا ليس لهم اي ميول في العمل بهذه المهنة .