أصدق ان واشنطن أقلقها، ولا أقول أزعجها، ذلك البيان الذي اصدرته جماعة الاخوان وروجته علي مواقع «اخوان اون لاين»، والذي يحمل دعوة لاعضاء الجماعة لحمل السلاح والاستعداد للجهاد طويل الأمد خلال الفترة المقبلة ضد الجيش والشرطة.. وبالتالي لا أري جديدا أمريكيا في تلك العبارة المقتضبة جدا التي جاءت علي لسان نائبة المتحدثة باسم الخارجية الامريكية والتي عقبت فيها علي ذلك البيان الاخواني، وقالت فيه ان واشنطن تندد بأية دعوة الي العنف. واشنطن غير صادقة ولا جادة في ادانة عنف الاخوان، وغير منزعجة او حتي قلقة من هذا العنف الذي يمارسونه في مصر، والا ما استمرت تدافع وبلا استحياء او خجل او مواربة عن تلك الجماعة علنا.. ففي تلك التصريحات التي ذكرتنا فيها نائبة المتحدثة باسم الخارجية الامريكية ان بلادها تندد بأي دعوة للعنف، فانها اهتمت بان تنبهنا الي ان هذا التنديد ليس موجها للاخوان لان ادارة بلادها - كما قالت - لا تعتبر جماعتهم ارهابية.. بل انها زادت علي ذلك بان تلك الجماعة تقدمت بطلب الي وزارة العدل الامريكية لكي يتم معاملتها كواحدة من المنظمات السياسية المعترف بها في الولاياتالمتحدة، بما يسمح لها بالعمل بشكل علني في الاراضي الامريكية. ثم كيف نصدق تنديد واشنطن بأية دعوة للعنف ووزارة خارجيتها تستقبل وفدا من جماعة الاخوان في ذات التوقيت الذي صدر فيه بيانها الذي يحض اعضاءها علي حمل السلاح والتدريب عليه استعدادا لجهاد طويل وهو البيان الذي اكدت نائبة المتحدثة باسم الخارجية الامريكية ان وزارتها اطلعت عليه؟.. لا تفسير لمثل هذا التصرف الامريكي الا ان واشنطن غير صادقة وغير جادة في ادانتها لاي عنف كما ادعت تلك المتحدثة. ويا ليت الامر يقتصر علي ذلك فقط، اي عدم الجدية في ادانة عنف الاخوان.. انه يتجاوز ذلك بالترحيب بهذا العنف، والترحيب الصريح، وليس الضمني، من خلال حض الاخوان وتشجيعهم علي الاستمرار فيه.. وهذا ليس استنتاجا لتصرفات واقوال المسئولين الامريكيين فقط، ولكنها مواقف سبق ان اتخذتها واشنطن في ظل ادارة اوباما قبل وبعد 30 يونيو 2013. قبل 30 يونيو اختارت واشنطن ان تعادي جموع الشعب بمناصرة الاخوان ودعمهم في المحافظة بحكم مصر ومحاولة ترويض المعارضة واجبارها علي القبول بهذا الحكم والرضاء بتغيير وزاري محدود مع بقاء الاعلان الدستوري الذي منح به مرسي نفسه صلاحيات شبه آلهية.. وبعد 30 يونيو استمرت واشنطن في دعم الاخوان الذي فقدوه وكانت السفيرة الامريكية في القاهرة وقتها ان باترسون تنقل لقادة الاخوان نصائح واشنطن التي تقضي بان يقوم الاخوان باعمال علي الارض تساعد علي ان تؤتي الضغوط الامريكية علي مصر أكلها. والاغلب ان واشنطن لم تسحب تلك النصيحة بعد.. فكيف نصدق بعد ذلك ان الامريكان اقلقهم دعوة الاخوان لحمل السلاح وخوض جهاد طويل.. نحن لسنا بهذه السذاجة.