اخترت لك عزيزي القارئ الآية الجامعة «قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون» إن روح الصلاة وحقيقتها هي الخشوع ويقصد بها حضور القلب والتأمل في تلاوة القرآن وفي أداء أركانها واليقظة والتفهم لما يؤديه المسلم وهو يقف أمام الله تعالي.. والخشوع لمن فرغ قلبه لها واشتغل بالصلاة عما عداها وآثرها علي غيرها من مشاغل الدنيا وحينئذ تكون راحة له وقرة عين.. إن الفلاح والنجاح والسعادة الحقة في التزام المؤمن بأمر الله وتركيز ذهنه في الصلاة ومراقبة مولاه وهو قائم بين يديه فيتذكر عظمة الله وفضله ونعمه عند قراءة الفاتحة ويؤدي الركوع في خضوع وكذلك بشكر الله وبحمده عند الرفع من الركوع ويقيم صلبه ثم يسجد علي سبعة وهي الجبهة واليدين والركبتين والرجلين ويكون سعيداً بمناجاة الله ومناداته وعبادته وإذا سها أو انشغل في الصلاة عاد واسترد الخشوع والاستقرار ومما يساعد علي الخشوع نظر المصلي إلي موضع سجوده قائماً وإلي قدميه راكعاً وإلي حجره جالساً وإلي أرتبة أرنبة ساجداً كل هذا وهو يستحضر عظمة الله. والحساب في الدنيا مؤجل إلي يوم القيامه ما عدا ظلم الناس فلابد أن يقتص الله جل جلاله من الظالم في الحياة الدنيا حتي يعتدل ميزان الحياة ويعرف الناس أن الظلم له قصاص دنيوي بجانب قصاص الآخرة.. لذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم «اتقوا دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، يرفعها الله تعالي فوق الغمام ويقول بعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين». ويقول الله تعالي «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون» أي يخلق من وسائل المواصلات والركوب ما لم نكن يعلمه السابقون وسيخلق أشياء لا نعلمها وقد وجدت بعد نزول هذه الآية بمئات السنين الغواصات والأساطيل البحرية والسيارات والدبابات والمدرعات والطائرات وغيرها.. والقرآن بذلك يهيئ القلوب والأذهان للاستفادة من كل جديد واستغلال التقدم العلمي والاختراعات حتي تظل الأمة الإسلامية قوية وحتي لا يقول بعض الناس إن أباءنا استخدموا الأنعام والخيل والبغال فلا نستخدم سواها لأن القرآن نص علي استخدام هذه الأصناف.. لكن القرآن هيأ الأذهان والقلوب للاستفادة من كل نافع حين قال ويخلق ما لا تعلمون.. وليس بعيداً عن الدين أيضاً أن نقول إن عقل الإنسان يخزن من 2 مليون معلومة في الثانية الواحدة رغم أن العقل لا يزيد ودنه علي 2 كيلو جرام وهو يحمل حوالي 150 مليار خلية، وأن العين تفتح وتغلق أكثر من 8000 مرة كل يوم وأن حاسة التذوق ثلاث طبقات فوق اللسان أحدها تعرف الطعم المالح والأخري الحلو والثالثة الأشياء الحارة. والقلب يدق 100 ألف مرة كل يوم والكبد يتجدد كل 6 أسابيع والعمود الفقري كل 6 شهور والكلي تتجدد كل 8 أسابيع والجلد كل شهر ونصف الشهر، وهذا كله من خلق الله وحده. وشتان بين المخلوق والخالق فالله العلي العظيم خلق الملائكة أيضاً وهم غاية الامتثال والطاعة لربهم، ولايتكلمون ولا تشفع الملائكة إلا لمن رضي عنه الرحمن وهم أهل التوحيد وإلا لمن أذن اللهم لهم بالشفاعة له والملائكة لخوفهم من عقاب الله وعذابه حذرون وجلون يتسابقون في طاعته وذكره وامتثال أمره واجتناب نهيه ولايملكون إلا هذه الطاعة ولا يخالفون لله سبحانه أمراً ومن ادعي أن الملائكة ببنات الله.