الورشة الصغيرة مليئة بأكياس من البلاستيك الخفيف متعدد الألوان.. تحوي بداخلها شغل الزبائن من ملابس مختلفة تحتاج إلي إعادة تصليح وتظبيط بداية من الفساتين حتي البنطلون والترنج الورشه تكاد تكون متخصصة في تصليح كل أنواع الملابس بعد ان قل الطلب كثيرا علي التفصيل واصبح الناس يفضلون الملابس الجاهزة . كل شيء في تغير وتبدل سريعا.. وما يجري علي كل شيء جري علي مهنتنا.. مثلا «تصليح وتظبيط الملابس» الحريمي والرجالي لم تكن مهنة قائمة بذاتها.. كانت ضمن عملية التفصيل نفسها..لكنها اصبحت الان هي اساس شغلنا والتفصيل نادرا . هكذا لخص الاسطي أشرف عباس ماتعرضت له مهنة الترزي خلال السنوات الاخيرة واوضح : فيما مضي كان يقتصر شغلنا علي تفصيل فستان..بدلة.. بنطلون..جيب..بلوزة أو حتي قميص.. ثم هناك ما يسمي بروفة قبل الاستلام حيث يجرب الزبون ما طلب تفصيله أمامنا حتي نري المقاس وشكل الشغل,وإذا احتاج اي تعديل او تصليح يتم تنفيذه قبل الاستلام حتي يصبح مايطلبه مناسبا علي جسده ومقاسه تماما.. يعني عملية التصليح والتعديل كانت تتم من خلال بروفه ما قبل الاستلام. اما الان وفي ظل المستجدات لم يعد التفصيل سيد الموقف..الجاهز التهم سوق التفصيل.. وأصبح معظم عملنا في تصليح عيوب الجاهز التي تظهر مع الزيون بعد ارتدائه ما يشتريه . لكن مازال هناك زبائن يتمسكون بتفصيل ملابسهم ولايستخدمون الجاهز .. لكن بالتأكيد ليس الامر كما كان سابقا. لم ينس الأسطي اشرف عباس ان يذكرنا بأنه نال قسطا من التعليم «.. حصلت علي دبلوم تجارة..كان ممكن ادخل كلية التجارة لكن انا «غاوي المهنة».. تركت الدبلوم في المنزل واتجهت للمهنة تماما.. الحمدلله متزوج وعندي احمد ومحمد علي في المعهد العلمي أولي وثانيه اعدادي.. الشغل ماشي ولله الحمد لكن في تصليح الملابس الجاهزة بداية من البنطلون حتي القميص والملابس الحريمي ومع ضغط طلبات التصليح يعمل معي الاسطي سيد العدوي وهو اسطي درجة اولي . يقول الاسطي سيد العدوي: انا اشتغلت ترزي تفصيل لمدة عشرين عاما في لبنان..كما عملت مصمم ملابس سهرة حريمي هناك وجاكتات وبنطلونات جلد.. تعلمت هناك الكثير من فنون الصنعة.. الشغل الجاهز الحالي لا يعجبني.. «الفينش» حاليا ليس علي المستوي المطلوب.. ولم يعد الأسطي القديم العاشق للمهنة موجودا..مهنة الترزي لم تنقرض بدليل وجودنا هنا لكن الجاهز سيطر للاسف علي الزبائن . زمان ماكنش شارع أو حتي حارة إلا بها ترزي واثنين وتلاته لم نكن نعرف الملابس الجاهزة لان كان في زبون «لبيس»..يفضل التفصيل !لكن هكذا الحياة..كل شيئ يتغير..ومن يدري, ربما يعود الشيئ إلي اصله ويتغير مزاج الزبون ويتجه إلي ورش الترزية مرة اخري لتفصيل ملابس جديدة وليس اصلاح ملابس جاهزة مستوردة من الصين غالبا !