أصاب التدهور السريع في أسعار النفط النظام العالمي الاقتصادي والسياسي بهزة شديدة تسببت في تغيير مفاجئ للثروة لصالح امريكا.. ودفع ذلك عددا من كبري الدول المصدرة للنفط – خاصة تلك التي لها "علاقات عدائية" مع الغرب مثل روسياوإيرانوفنزويلا - إلي حافة أزمة مالية. التأثيرات المتموجة تتدفق بشكل أوسع نطاقا.. فانهيار الأسعار ربما يكون له تأثير علي محادثات ايران بشأن ما اذا كانت ستتوصل إلي اتفاق حول برنامجها النووي مع الغرب.. كما يدفع الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط إلي إعادة تقييم دورها في إدارة معروضها من النفط عالميا، وهذا يعزز اقتصاديات كبري الدول المستهلكة للنفط بشكل ملحوظ لاسيما امريكا والصين. ايضا ربما كان انهيار اسعار النفط عنصرا اخيرا ساهم في قرار كوبا بالتصديق علي التقارب مع واشنطن. في تقرير مطول شارك فيه مراسلوها في بروكسلولندن وبكين والقاهرة وكراكاس وطهران وريو دي جانيرو رصدت صحيفة "نيويورك تايمز" تداعيات انهيار اسعار النفط علي السياسة والاقتصاد العالمي. روسيا: منذ اسبوع بدأت روسيا ترجع إلي الخلف مع انخفاض قيمة الروبل بشكل أفزع الروسيين الذين كانوا يزحمون المحلات لانفاق ما لديهم. الاضطرابات الروسية سيكون لها صدي حول العالم.. ستنخفض حجوزات منتجعات الجليد في استراليا وكذلك الانفاق علي عقارات لندن.. وستنشر حالة من الفزع في دول مجاورة مثل روسيا البيضاء الحليف القوي لروسيا، حتي انها ستهدد بطولة الهوكي القارية التي يتم الدفع فيها للاعبين بالروبل. فنزويلا : الآن اصبحت فنزويلا تعاني من اضطرابات في الداخل لعجزها عن الدفع لمشاريعها الاجتماعية وسياستها الخارجية التي تروج لها بالتمويل بسخاء بما في ذلك تصدير شحنات من النفط منخفض السعر إلي كوبا ودول أخري. ووسط قلق بالغ في سوق السندات قد يجعل فنزويلا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها في سداد القروض، كما أن التضخم في فنزويلا بلغ أكثر من 60% وهناك نقص في البضائع الأساسية ويعتقد العديد من الخبراء أن الاقتصاد في حالة كساد. كوبا : انهيار اسعار النفط كانت إحدي التداعيات غير المباشرة التي عملت علي تحريك العلاقات الدبلوماسية المتأزمة - منذ نصف قرن - بين واشنطن وهافانا، والتي صبت بشكل عام في صالح أمريكا. وهناك مخاوف من قطع فنزويلا – الداعم الرئيسي – امداداتها من الأموال والنفط منخفض السعر لكوبا بعد أن صدقت علي اتفاق تاريخي مع أمريكا ترفع بموجبه الأخيرة عقوباتها المستمرة علي الدولة اللاتينية. روسيا البيضاء: ضحية أخري لانهيار أسعار النفط.. روسيا البيضاء تنتج كمية ليست كبيرة من النفط ، وعلي الرغم من ذلك تأثرت بشدة.. هذا لان اقتصادها يعتمد علي صادراتها من المنتجات البترولية التي تنتجها باستخدام النفط الخام الذي تحصل عليه بأسعار تفضيلية منخفضة جدا من روسيا. إيران : وقال حسين رغفر الاقتصادي الايراني لصحيفة "اعتماد" ان ايران تعاني من صدمة شديدة جعلت حكومتها تبحث عن سبل لسد فجوة متسعة في ميزانيتها، مشيرا إلي انها تعرض علي الشباب في سن التجنيد خيار ان يشتروا مدة خدمتهم الالزامية التي تمتد لعامين في الجيش.. وأضاف: "نحن علي أعتاب أزمة كبيرة.. الحكومة تحتاج إلي اموال بشكل ملح". سوريا: توقع مروان المعشر - وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس مركز كارينجي اندومنت للسلام الدولي حاليا – تعاقب الأحداث جراء انهيار اسعار النفط علي سوريا بما يشبه تأثير الدومينو بينما تجد روسياوايران نفسيهما في صعوبة للاستمرار في دعمهما الاقتصادي والعسكري والدبلوماسي للرئيس بشار الأسد.