بعد 30 عاماً قضاها في الكنيست, ومثلها في الخدمة بجيش الاحتلال, قرر عضو البرلمان الإسرائيلي - عراقي الأصل - بنيامين بن اليعازر اعتزال العمل السياسي, والتفرغ للعناية بظروفه الصحية المتردية بعد أن أصيبت كليته واصبح محتاجاً لزرع واحدة. ورغم أن سجل بن اليعازر مفعم بالمحطات الإجرامية, لا سيما خلال خدمته في جيش الاحتلال, إلا أنه كان محسوباً علي معسكر الوسط الإسرائيلي, وحرص أكثر من غيره في إسرائيل علي توطيد علاقته بالرئيس الأسبق حسني مبارك, لدرجة أن مبارك كان يناديه دائماً باسم "فؤاد", وهو الاسم الذي كان يُعرف به بنيامين قبل هجرته مع أسرته من العراق إلي إسرائيل. رغم ما أشيع عن دفء العلاقة بين اليعازر والرئيس الأسبق, إلا أن صفحات التاريخ لا تتجاهل تاريخ "فؤاد" الدموي, وتورطه في اغتيال المئات من الجنود المصريين بدم بارد خلال حرب 67, إذ كان السفاح المخضرم قائداً لوحدة العمليات الخاصة الإسرائيلية "شاكيد", وفي حين أسرت وحدته العسكرية عدداً من الجنود المصريين, أصدر قائد الوحدة العسكرية الإسرائيلية أوامره بإطلاق النار علي الأسري, وهم عُزّل من السلاح ودون اشتباك معهم. وسربت وسائل إعلام عبرية شريط فيديو يجسد وقائع العمل الإجرامي الذي قام به بن اليعازر حيال الأسري المصريين في حينه. وتُطلق الدوائر السياسية في اسرائيل لقب "عجوز أعضاء الكنيست" علي بنيامين بن اليعازر, خاصة أنه يبلغ من العمر 78 عاماً, وفي حين دارت حوله شبهات الفساد المالي, وما ترتب عليها من امتلاكه لأموال وعقارات مجهولة المصدر, فرضت عليه العديد من علامات الاستفهام, غادر بن اليعازر الحياة السياسية حاملاً حقيبة مكدسة بالأموال, ومنها معاش شهري يبلغ 35 ألف شيكل, و234 ألف شيكل آخرين علي سبيل "مكافأة نهاية الخدمة" في الكنيست, و10.000 شيكل سنوياً مقابل شراء الصحف اليومية, وتسديد قيمة فاتورة الاتصالات الهاتفية, بالإضافة إلي مميزات أخري. ويشير ملف بن اليعازر إلي أنه من مواليد 12 فبراير عام 1936, وينتمي إلي حزب العمل, الذي تولي رئاسته في فترة معينة, كما كان وزيراً للدفاع. وتعود نشأته إلي مدينة البصرة العراقية, إذ أنه ولد هناك لأب يدعي "صالح", وأم ينادونها ب "فرحة", وأطلق عليه الأبوان اسم "فؤاد", إذ كان اليهود يطلقون علي أنفسهم وأبنائهم أسماء عربية في محاولة للذوبان داخل المجتمعات التي يعيشون فيها, والحيلولة دون اكتشاف هويتهم الدينية للعامة. وهاجر بنيامين أو "فؤاد" مع أسرته من البصرة لإسرائيل عام 1950. ويقيم بن اليعازر حالياً في مستوطنة "ريشون لتسيون" مع زوجته "دولي" التي تزوجها بعد وفاة الأولي, كما أنه أب لخمسة أبناء, وله العديد من الأحفاد في مراحل عمرية متفاوتة. في عام 1954 التحق بن اليعازر بالخدمة الإلزامية في جيش الاحتلال, وكان واحداً من عناصر لواء العمليات الخاصة الإسرائيلي "جولاني", وخلال حرب 67 قاد وحدة "شاكيد" الخاصة, وارتكب بتلك الوحدة عمليات بربرية ضد الأسري المصريين, وفي حرب الاستنزاف كان من المقرر أن يتوجه بن اليعازر إلي فرنسا, للحصول علي دورة في المدرسة العسكرية العليا بباريس, لكن الحظر الذي فرضه في حينه الرئيس الفرنسي شارل ديجول علي العلاقات مع إسرائيل حال دون ذلك, فتوجه بن اليعازر إلي سنغافورة, وأصبح مدرباً قيادياً, وبعد عودته لإسرائيل وتزامناً مع اندلاع حرب "الغفران" في السادس من أكتوبر عام 73, تم تعيينه ضابطاً في هيئة الاستخبارات العسكرية تحت قيادة الكادر الاستخباراتي الإسرائيلي المخضرم "يسرائيل طال". خدم بن اليعازر عسكرياً في لبنان, فكان ضابط اتصال في الجنوب, ثم ضابط اتصال أمام القوات اللبنانية في بيروت, كما كان همزة الوصل الاسرائيلية الأولي مع المسيحيين في الجنوب اللبناني, وتم تعيينه في فترة لاحقة محافظاً للجنوب خلال احتلال إسرائيل له. تولي بن اليعازر العديد من المناصب السياسية في تاريخه, ومنها نائباً لرئيس الوزراء, وزيراً للدفاع, وزيراً للصناعة والتجارة والتشغيل, وزيراً للبني التحتية, وزيراً للإسكان, وزيراً للاتصالات, رئيساً للمعارضة, رئيساً للكنيست, ثم رئيساً للحزب العمل.