لن تحل أزمة العشوائيات إلا إذا تضافرت جهود الدولة مع جهود الأهالي والمنظمات الشعبية لتحول هذه المناطق لأماكن حضارية توفر للانسان البسيط الحياة الكريمة جميل ما اعلنته د. ليلي اسكندر وزيرة التطوير الحضاري من ان الرئيس عبدالفتاح السيسي قرر انشاء ميزانية مفتوحة لتطوير المناطق العشوائية في مختلف المحافظات. انا لا اعرف علي وجه التحديد كم عدد هذه المناطق وان كنت اعرف ثلاثاً او أربعاً منها لا أدري كيف يمكن تطويرها لتصبح حضارية واعرض شارع فيها لا يزيد اتساعه علي مترين حول المعادي وحلوان ومنشأة ناصر وهي مسافة لا تسمح بالحياة الصحية فما بالكم بما تشكله من خطورة داهمة علي قاطني تلك المناطق التي يقيم بها ملايين السكان الذين لا يكفون عن الشكوي من سوء الخدمات وضعفها في كل المجالات صحية وامنية وخدمية. ولتسمح لي السيدة الوزيرة ان اتساءل عن تلك الخطة التي تم وضعها لهذا التطوير لان الامر اذا لم يتم علي الشكل الامثل فستظل تلك العشوائيات خطرا علي كل المجتمع واتساءل ايضا حول الرقم الذي اوردته من انه تم صرف ما يقرب من ربع مليار جنيه علي تطوير 8 مناطق عشوائية يقطنها 9 الاف نسمة والبدء في تطوير 11 اخري ليصل عدد المناطق الي 19 منطقة باجمالي عدد 52 الف نسمة تستفيد من ذلك. ما تحتاجه المناطق العشوائية ليس ايصال الخدمات الناقصة أو توفيرها حتي ولو بشكل جيد ولكن تلك المناطق تحتاج الي اعادة تأهيل كامل لمبانيها ومنشآتها وبنيتها التحتية المنعدمة بشكل اساسي بجانب اعادة تأهيل نفسي لسكانها وهذا لن يتأتي إلا اذا كان امام اعيننا خطة للاحلال والتجديد بانشاء مساكن تصلح للحياة الطبيعية الصحية والصحيحة. وقد يقول قائل ومن اين للدولة هذا، مع انها بحسبة بسيطة يمكنها ان تشارك رجال الاعمال او الجمعيات الاهلية والمدنية في الامر بأن تمنحهم قطع اراض في تلك المناطق ليقيموا عليها مشروعاتهم أو مبانيهم وعماراتهم مقابل ان يساهموا في اقامة مساكن لسكان العشوائيات وجربوا واسألوا فقد يتقدم من يمكنه ان ينفذ تلك الفكرة. والحقيقة ما قام به رئيس الوزراء المهندس ابراهيم محلب من تخصيص مكان في منطقة القابوطي ببورسعيد لاقامة معسكر يقيم فيه اهالي المنطقة العشوائية الذين اكتشف انهم يقيمون في عشش كرتون ينقلون اليه حتي تنتهي الدولة من تشييد مبان لهم امر جيد ولكن اذا كان مع الدولة وفرة تسمح لها بذلك ولكن علينا ان نساعد الدولة بحلول غير تقليدية فليس معقولا ان ننتظر من الدولة ان تعمل لنا كل شيء ونحن لا نعاونها. أمر العشوائيات يحتاج لخطة قومية لنعرف اسباب الظاهرة خاصة اننا مازلنا حتي الان نسمع عن مناطق عشوائية جديدة تضاف الي المناطق التي نعاني منها في كل محافظات مصر ولن تجدي مع تلك العشوائيات الحلول المسكنة المؤقتة لان الامر يحتاج الي ثورة لعلاج المشكلة بالكامل من جذورها. تخيلوا القاهرة كلها محاطة من كل الاتجاهات بالعشوائيات الخطرة التي تهدد كيانها بالكامل وكم سمعنا علي مدي سنوات وسنوات عن تطويرها وللاسف لم نشهد اي منطقة تم تحويلها الي منطقة نموذجية بعد العشوائية سوي منطقة زينهم وهي تجربة يجب علينا ان ندرسها لنعرف ايجابياتها وسلبياتها علنا نستفيد منها. عزيزتي الوزيرة د. ليلي اسكندر ابحثي مع الخبراء وهم في مصر كثيرون عن الحل الامثل لمرض العشوائيات لعلنا نجد لديهم العلاج الناجز الذي يقضي علي هذا الخطر النائم الذي يهددنا جميعا.