فالمشروع الأمريكي الصهيوني يهدف إلي تفتيت الوطن العربي واجهاض الثورات، وتصدير مشهد جماعة الإخوان لسدنة الحكم ودعمها بكل السبل «مال/ إعلام» واستغلال الثورات العربية لتنفيذ بدايات المشروع تقوم العلاقات بين الدول علي أساس «المصلحة»، وليست هناك صداقة دائمة، كما أنه ليست هناك صراعات أو مشاكل أو خلافات دائمة بين الدول. ورأينا علي مدار حقب تاريخية مختلفة في أجزاء مختلفة من العالم، كيف تحولت عداءات وصراعات مستحكمة ومعقدة إلي صداقات وتقاربات بين الدول والشعوب. في نفس الوقت فإن ما كان غائرا في النفوس يمكن استيعابه علي مدار زمني ممتد، وارادة سياسية صلبة وقوية من نظام الحكم وشعب هذه الدولة أو تلك. تلك هي مبادئ في إدارة العلاقات الدولية، ومن يتجاهلها لا يدرك حقيقة النظام الدولي وتفاعلاته. لكن المسألة الخطيرة تتمركز في درجة التدخل في الشئون الداخلية ودعم طرف علي حساب آخر بكل الوسائل «مال - إعلام»، الأمر الذي قد يؤدي إلي التدخل لفرض مشهد معين، ونظام حكم معين، وهو ما يجعل من هذا المشهد ضعيفا ويقف في الهواء بدون قاعدة أساسية يرتكز عليها فيتهاوي مع أول ضربة فأس موجهة من الشعب. ومن ثم فإن إهدار بعض الدول لحق الشعوب في تقرير مصيرها بحرية، والإصرار علي التدخل في الشأن الداخلي إلي حد «الاقحام والاقتحام»، وتحول التمثيل الدبلوماسي إلي عمل تجسسي، والقيام بدور «المندوب السامي» إبان حقبة الاستعمار فهو أمر غير مقبول طبقا لمواثيق الأممالمتحدة منذ عام 1945، التي تقضي بإقرار مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وهو أمر كارثي أيضا وبالنظر إلي تطبيق ذلك علي «الحالة القطرية»، فهي «دولة منمنمة سكانا ومساحة، ولكن تمتلك ثروات بترولية ضخمة وظفتها في القيام بدور كبير وغير طبيعي «عدم الاتساق بين الدور ومتطلباته وركائزه»، وتقوم بأدائها لهذا الدور تنفيذا للاستراتيجية الأمريكية خاصة ان أراضيها محتلة بأكبر قاعدتين عسكريتين أمريكيتين في العالم «العيديد - والسيلية»، وبالتالي فانها دويلة معدومة الإرادة السياسية فهي تنفذ مخططات المشروع الأمريكي الصهيوني بالضبط، وتم توظيف موارد الشعب القطري «عوائد النفط» في غياب إرادة شعبية حقيقية، لخدمة هذا المشروع كما تم التوسع في استثمار الأداة الإعلامية «الجزيرة بكل قنواتها» في تجسيد هذا المشروع إلي واقع حي في عموم الاقليم العربي والشرق أوسطي.. من هنا فان الخلاف مع قطر «الدويلة المنمنمة» خلاف موضوعي بعيدا عن الشتائم والتفاهات. فالمشروع الأمريكي الصهيوني يهدف إلي تفتيت الوطن العربي واجهاض الثورات، وتصدير مشهد جماعة الإخوان لسدنة الحكم ودعمها بكل السبل «مال/ إعلام» واستغلال الثورات العربية لتنفيذ بدايات المشروع وبنجاح ذلك تنتقل الكرة إلي بقية الدول العربية ليصبح عددها ضعف العدد القائم حاليا «نموذج الدولة العراقية المفتتة واقعيا» منذ احتلال أمريكا المباشر لها في عام 2003» ومازالت أمريكا مستمرة في دعم هذا التفتيت وارادت الانتقال إلي ليبيا ثم مصر، ثم اليمن وفي الطريق سوريا إلا أن ثورة «30 يونيو» في مصر، وقفت حجر عثرة أمام تنفيذ هذا المشروع، وامتداداته، الأمر الذي أفقد الإدارة الأمريكية صوابها وصدرت قطر وتركيا للقيام بالواجب ودعم الإخوان، وممارسة الضغوط علي مصر ومعاقبة شعبها الذي بادر بالثورة علي «الإخوان الإرهابيين» واسقاطهم واخراجهم من المشهد والحكم النهائي والبات الذي لا يقبل نقضا أو تراجعا، بالإعدام السياسي لهذه الجماعة والقضاء التام علي فكرة التوظيف السياسي للدين لخدمة أفكار هذه الجماعة وما علي شاكلتها من سلفيين إخوان وغيرهم ولذلك ففي تقديري أن الشعب المصري الذي عاني من دولتي قطر وتركيا نيابة عن أمريكا وشركائها الأوروبيين وأجهزة مخابراتهم، وما فعلوه ضد هذا الشعب، لن يقود الشعب للتسامح مهما حدث من ضغوط خليجية بقيادة السعودية وما تقدمه من مساعدات لا نستطيع انكارها ونحن لسنا بجاحدين فالتعليمات الأمريكية صدرت لتجمع الخليج، بإجراء المصالحة مع قطر، تمهيدا للمصالحة مع مصر، وذلك تحقيقا لعدة أهداف: 1- وقف تنامي الاتجاه المصري نحو الاستقلال الوطني، ورفض التبعية السياسية لأمريكا أو غيرها، الأمر الذي يعيد الدفء للعلاقات الأمريكية المصرية ويعيد انتاج التبعية التي انكسرت بعد 30 يونيو بصفة أساسية. 2- وقف تنامي العلاقات المصرية الروسية، والمصرية الصينية وكسر السياسة الخارجية المصرية التي بدأت في التحول نحو الشرق وعواصمها الكبري في موسكو وبكين ونيودلهي وكوريا وغيرها. 3- ممارسة الضغوط بالربط بين المساعدات الخليجية وقبول المصالحة تحقيقا للتوجيهات الأمريكية وهذا لم يعلن ولكن يفهم ويفسر. 4- التغييب العمدي للأزمة السورية من مشهد المصالحة وكأن المصالحة العربية هي المصالحة بين مصر والخليج العربي فحسب وهو اجتزاء لمفهوم الأمن القومي المصري والعربي. 5- وقف تنامي الدور القيادي لمصر عربيا وأفريقيا وإقليميا بالمفهوم الأوسع، واشغال مصر بأزماتها الداخلية وممارسة الضغوط عليها بتحريك العملاء ورموز الإرهاب وجماعاته!! 6- الاصرار علي تحقيق المصالحة مع قطر، للتمهيد لإجراء مصالحة مع جماعة الإخوان واستحضارها مرة أخري في المشهد السياسي، وكأن شيئا لم يحدث!! لا شك أن توضيح هذه الأهداف الحقيقية لطرح مشروع المصالحة، لتأكيد الفشل الذريع لهذا المشروع التآمري الذي تقف أمريكا الداعمة لجماعة الإخوان خلفه ولن تتخلي عنه، ووجب التوضيح للحذر والتنبيه. فالشعب المصري لن يقبل بغير وثورتين ومتطلباتهما، وان جرح قطر في جسد الشعب المصري غائر ويستحيل اندماله ولنذكر بإسرائيل ومصالحة نظام السادات معها، ورفض الشعب التطبيع حتي الآن لمن لا يريد الفهم الثورة مستمرة حتي النصر بإذن الله ومازال الحوار متصلا.