بعد اعتراف البرلمان الفرنسى بالدولة الفلسطينية، فرنسيون يرفعون أعلام فلسطينوفرنسا تحمل الدول الأوروبية ذنبا تاريخيا في ضياع الدولة الفلسطينية بموافقتها علي قرار تقسيم فلسطين وإقامة دولتين عام 1947لتعويض اللاجئين اليهود عن المحرقة النازية.حيث قررت الدول الأوروبية التخلص من هؤلاء اللاجئين بدلا من إعادة تأهيلهم في دولهم عبر منحهم نصف الأراضي الفلسطينية لإقامة دولتهم الصهيونية علي أشلاء الفلسطينيين. وبعد مرور كل هذه السنوات وضياع الحق الفلسطيني أمام بلطجة إسرائيل وعدم احترامها لأية قوانين دولية مع استمرارها في سرقة الأراضي الفلسطينية وقتل وتهجير الفلسطينيين ، تحاول الدول الاوروبية التكفير عن هذا الذنب عن طريق إعلان عدد من الاعترافات الرمزية بالدولة الفلسطينية والتي كان آخرها اعتراف البرلمان الفرنسي قبل يومين. ومن المقرر أن يصوت البرلمان الأوروبي، في السابع من الشهر الجاري علي مشروع قرار يدعو دوله إلي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وتحشد الكتل الحزبية الموجودة في البرلمان الأوروبي النواب للتصويت بنعم علي المشروع الاوروبي في ظل وجود معارضة ضعيفة أمام الحشد الكبير للنواب الذين يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين. ورغم أن القرار لن يكون ملزما للحكومات، لكن يثمنه الفلسطينيون باعتباره انتصارا سياسيا علي اسرائيل. وتتشابه الظروف في كل الدول الأوروبية فيما يخص التأييد والمعارضة للقرار بشأن الدولة الفلسطينية بين أحزاب يسارية تراه حقا للفلسطينيين وبين الأحزاب اليمينية التي تروج لفكرة أنه يمثل دعما للإرهاب - باعتبار الفلسطينيين إرهابيين, والبعض الآخر يري أنه سيعوق (عملية السلام ).. !! اعترافات رمزية ومع اقتراب اعتراف البرلمان الأوروبي بالدولة الفلسطينية بعد أيام يبقي السؤال عن جدوي هذه الاعترافات الرمزية وتأثيرها علي أرض الواقع. البداية كانت خيبة الأمل التي تجتاح الدول الأوروبية تجاه إسرائيل التي تواصل بناء المستوطنات علي أراضي الدولة الفلسطينية (غير المعترف بها دوليا) منذ انهيار آخر جولة من محادثات السلام التي ترعاها الولاياتالمتحدة في أبريل الماضي. والواقع علي الأرض يؤكد أن الأمور داخل فلسطين تسير في اتجاه أبعد ما يكون عن وجود دولة في ظل استمرار استيلاء إسرائيل علي المزيد من الأراضي الفلسطينية. ورغم ذلك فالاعتراف الأوروبي بفلسطين يقوي اليد الفلسطينية في مباحثات السلام مع إسرائيل ويضعف من موقف إسرائيل واستيلائها علي الأراضي المحتلة لبناء المستوطنات. لذا فالعلاقة بين الاتحاد الأوروبي واسرائيل ستقتصر في المرحلة القادمة علي الجهود المبذولة في إطار حل الدولتين. وإلي جانب الاعترافات الرمزية من البرلمانات الأوروبية هناك دعم كبير يظهر في تصريحات عدد من السياسيين الأوروبيين في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا. وكلها تؤثر نحو استقطاب المزيد من الدول الأوروبية كما أن لها أيضا تأثيرا مباشرا علي مستقبل العلاقات مع إسرائيل.خاصة أن معظم الدول الأوروبية تدين سياسة الاستيطان الإسرائيلية تمشيا مع التزام الاتحاد الأوروبي بالقانون الدولي لذا أصبحت العلاقات مع إسرائيل تسير في اتجاهين منذ نهاية العام الماضي: علاقات قانونية مع دولة إسرائيلية بحدود 67 وعلاقة غير قانونية مع دولة تحتل المزيد من الأراضي الفلسطينية. ومع استمرار حملات المقاطعة الأوروبية لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية والتأثير السلبي علي الاقتصاد الإسرائيلي يمكن أن تصبح الأمور أسوأ إذا قررت الدول الأوروبية وقف التعامل مع فروع البنوك الموجودة في المستوطنات ما لم توقف إسرائيل بناء المستوطنات. هذا الاختلاف بين الرؤية الأوروبية الحالية للدولة الإسرائيلية جعل كثيرا من المستثمرين الأوروبيين يحجمون عن الاستثمار في إسرائيل. كما أن بعض الدول الأوروبية بدأت التفكير في منع فيزا مجانية لدخول سكان المستوطنات إلي اراضيها لذا فالأمر اصبح يتخطي رمزية الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية إلي الضغط الاقتصادي علي إسرائيل. الحق القانوني ليس هذا فقط بل إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيسمح للفلسطينيين برفع دعاوي قضائية في المحاكم الأوروبية علي المستوطنين الذي يرتكبون جرائم في المستوطنات. وحتي هذه اللحظة هناك تحفظ من جانب السلطة الفلسطينية في مسألة المواجهة القضائية مع إسرائيل. كذلك فإن الاعتراف الأوروبي سيقضي علي مسألة عدم التكافؤ بين الجانبين في أية مفاوضات قادمة وحسابات المكسب والخسارة اذا استمر الاحتلال الإسرائيلي. بينما يري البعض أن ندية التفاوض والثقل السياسي الذي ستمنحه الاعترافات الأوروبية سينهي فكرة المقاومة المسلحة التي يؤمن بها الكثير من الفلسطينيين في مواجهة الاحتلال إذا وجدوا بديلا سياسيا لتحقيق مطالبهم. وفي نهاية المطاف. وجاء تصويت البرلمان الفرنسي بالموافقة علي الاعتراف بالدولة الفلسطينية بتأييد 339 نائباً مقابل معارضة 151 نائباً، فيما امتنع 16 نائباً عن التصويت. وذلك بعد أقل من أسبوع من اعتراف البرلمان الإسباني بالدولة الفلسطينية لينضموا بذلك لكل من السويد وبريطانيا وايرلندا واسبانيا ليرتفع عدد الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية حتي الآن إلي 136 دولة. وبينما رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار ووصفته ب"خطوة شجاعة ومشجعة في الاتجاه الصحيح" وصف نتنياهو الاعتراف الفرنسي بأنه خطأ فادح بينما اعلنت امريكا تعقيبا علي الاعتراف الفرنسي بأن الدولة الفلسطينية لن تتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين وحل قضايا الوضع النهائي. وقد دفع تصويت مجلسي النواب البريطاني والسويدي الشهر الماضي لصالح الاعتراف بدولة فلسطين بالنواب الاشتراكيين إلي إعادة إحياء المطالبة الفرنسية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. فبعض النواب يري أن مساعي السلام وصلت إلي طريق مسدود بعد العدوان الأخير علي غزة، وبعد استمرار الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةالمحتلة وغيرها، وقالوا إن الحل الوحيد يكمن في ممارسة ضغوط دولية لحل القضية وذلك عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية. التي كانت أحد التزامات الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ال60 في عام 2012، قبل انتخابه رئيساً. وفي انتظار تصويت فرنسي آخر في مجلس الشيوخ في 11 من ديسمبر الجاري. في حين وصف البعض التقارب في نسبة التصويت في البرلمان الفرنسي بين الموافقة والرفض بما يشير إلي أن الأحزاب اليمينية لازالت ضد القرار الذي اعتبرته بلا معني وصرح الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي الذي صوت أعضاء حزبه " الاتحاد من أجل حركة شعبية " ضد القرار بأن التوقيت سييء لأنه جاء بعد الهجوم الأخير في القدس علي كنيس يهودي. ولكن ايا كانت المعطيات فإن القرار بلا شك سيؤثر علي العلاقات مع إسرائيل وسيسب مشاكل كثيرة لنتنياهو. ويري المحللون أن زيارة اولاند لاسرائيل وفلسطين مؤخرا والتغير في السياسة الفرنسية تتحكم فيها المصالح الاقتصادية والعقود العسكرية والمكاسب السياسية التي ستحققها فرنسا عندما تظهر في صورة الدولة القوية. مشروع جديد ولم تتوقف الأخبار المتواترة من فرنسا عند حدود الاعتراف الرمزي بالدولة الفلسطينية بل أعلنت عن اعتزامها التقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن لتحديد مهلة لبدء المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي تمهيدا للوصول لاتفاق تسوية نهائي خلال عامين مع امكانية تحديد مهلة ثانية لاعلان قيام دولة فلسطينية. ويشمل المشروع الفرنسي حل القضية عبر مرحلتين، الأولي تتضمن وضع سقف زمني لإنهاء المفاوضات، وهي مفاوضات تضم جميع الأطراف المعنية، ومن ضمنها الدول الخمس الكبري والجامعة العربية والأمم المتحدة، فيما تبحث المرحلة الثانية في التوصل إلي اتفاق علي تاريخ نهائي لإنهاء الاحتلال بالمفاوضات متعددة الأطراف. يأتي ذلك في الوقت الذي تتقدم فيه جامعة الدول العربية بمشروع قرار لانهاء الاحتلال الاسرائيلي. ويري البعض أن المشروع الفرنسي يدمر المشروع الفلسطيني والعربي الذي يشترط انهاء الاحتلال وتهدد القيادة الفلسطينية بقطع العلاقات مع إسرائيل، في حال رُفض مشروع القرار في مجلس الأمن ولكن مما لاشك فيه أن هذا التحرك الأوروبي والعربي يقلق أمريكا وإسرائيل ولكن قد لا يرقي لمرتبة تغيير السياسات وصولا لحل سلمي في ظل وجود حكومة نتنياهو المتطرفة.