يوجد بالطبع منتقدون كثيرون في الغرب لنوعية هذا النظام الرأسمالي العولمي الحالي و يحذرون من استمرار هذا المنوال فالأرض ما عادت صلبة تحت الأقدام بالنحو الذي كانت عليه... الأرقام تشهد بخلل فاضح في توازن النظام الاقتصادي العولمي المعمول به! وهذا التقرير الذي صدر عن مؤسسة مالية أوروبية من الصف الاول عالميا لا يمكن أن تخطيء كقاريء رنة قلق بالغ يشوبه .. معهد الأبحاث السويسري التابع لكريدي سويس أصدر الأسبوع الماضي تقريرا أثار اهتمام و تعليق الصحف العالمية علي الأقل صحف بريطانيا و فرنسا و ان ليس بالدرجة ذاتها في الولاياتالمتحدة لأسباب لا تخفي بالطبع! اهتم تقرير كريدي سويس غير تقديم رؤية متكاملة لاتجاهات الثروة العالمية هو ابراز الفجوة المتفاقمة بين الثراء الفاحش و الفقر المتدني، وهو ما يدل علي عدم توازن شديد وبازدياد مع نبرة قلق في السرد.. التقرير يرصد العام الأخير ما بين منتصف 2013 الي 2014 فيجد ارتفاعا غير مسبوق في الثروة العالمية من ناتج التنمية بنسبة بلغت 8,3% حققت ثروة بلغت 263 ترليون دولار ! أي مرتين ضعف عام 2000 عندما كانت الثروة العالمية كلها 117 ترليون دولار ! بهذا الآن يتحقق لفئة (الواحد في المائة) التي علي قمة الثراء العولمي أن تمتلك نحو نصف ثروات العالم وبالارقام (48 و 2من عشرة في المائة) من مجمل ناتج الثروة بزيادة في دخولهم تقدر بنحو 46% عن دخول العام الماضي! تقرير عالمي آخر لمنظمة «أوكسفام» وهي منظمة غير حكومية لها فروع في 90 دولة وتهتم بمتابعة أحوال الفقر بين أنحاء الكون .. تقريرها سبق تقرير كريدي سويس وتوصل كذلك الي أن فئة 1% علي قمة الثراء العولمي، بلغ مجمل ثرواتها اليوم نحو 110 ترليون دولار!! يعني 56 مرة ما لدي نصف من في قاع الكون! وفق احصائياتهم بين كل ثلاثة أفراد في الكون واحدا تحت خط الفقر. مليار نفس علي الاقل تعيش علي دولار واحد في اليوم و ربما ما دون! هذا التقرير الآخر يقول أن تاريخ الانسانية لم يشهد تركيزا في الثروة بهذا النحو الذي يوجد في يومنا هذا، و لا في كم الثروات الطفيلية التي تتوالد من هذا النظام العولمي الحالي ... فالرأسمالية الحالية أو ما يطلق عليه نخبة أصحاب الأموال الكبري المتحركة عبر القارات والمتمثلة فيما يسمي «بالكوروبوريشنز» وغيره، تلك التي تحكم أمريكا والعالم بنحو غير مباشر، فقد أوجدت عالما يقول عنه خبراء الاقتصاد أنه يكاد كل قرار سياسي يصدر فيه لابد ويكون وراءه اما حاجة أو حماية لتلك الفئة اياها .. أي لتزيد اثراء تلك الجزئية الصغيرة جدا الأشبه (بالفتفوتة) و تجلس علي رأس الهرم المالي ... أتري هل نعيش الآن عصر الفتافيت ؟! يوجد بالطبع منتقدون كثيرون في الغرب لنوعية هذا النظام الرأسمالي العولمي الحالي و يحذرون من استمرار هذا المنوال فالأرض ما عادت صلبة تحت الأقدام بالنحو الذي كانت عليه... المعلق الاقتصادي الاول لصحيفة فاينانشال تايمز «مارتن وولف» كتب أوائل هذا الشهر مقالا يوجب التوقف أمامه، بعنوان «نخبة فاشلة تهدد مستقبلنا» يحذر فيه من تهديد متزايد لمقدمات ثورة اجتماعية ! ويحذر بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام علي قيام الحرب العالمية الأولي من ظواهر يراها شبيهة بظروف ذلك العهد الذي تفجرت بعده بثلاث سنوات ثورة البلشفيك في روسيا..! يعرض هذا المعلق الاقتصادي البريطاني المعروف لحالة ما يشبه بانفصال شبكي ما بين النخبة المالية العولمية وبلادها الأصلية التي صنعتهم.. يقول عن التوزيع الضيق لمكاسب التنمية الاقتصادية أنه يزيد من تطور هذه الحالة التي جعلت طبقة ثراء تغلف العالم وتحكمه بأكثر من أي وقت مضي! قال ايضا أن الانهيار المالي الذي حدث في 2008 قد أفقد النخب الاقتصادية والمالية والثقافية والسياسية مصداقياتها و حثهم أن يفعلوا شيئا لمعالجة الموقف، فان لم يفعلوا «فقد تأتي فورة الغضب العارم تغرقنا جميعنا» .. ثم يقول : الواقع المؤكد الوحيد أن الامور لن تستمر بهذا النحو ! ............................................ نحن علي أعتاب انتخابات تجري من أول السطر بأعلي صفحة بيضاء في عهد جديد، نريد له ونطلب بالضرورة أن يكون عهدا شفافا وملتزما و مسؤولا عما يتعهد به.. لهذا نطلب من المرشحين نحن الناخبون الاهتمام باطلاعنا علي برامجهم الاقتصادية بالخصوص فهي محك بدون شك هذه المرة علي من نختار... ما نحسب أن الوعي الذي اكتسبته الجماهير ليسمح بعد الآن أن تنتخب من يقدم مبلغا من المال أو بعض الزيت و السكر! الجماهير أصبحت بالتجربة تدرك أن كل شيء يتبخر بعد أيام وحالهم يبقي علي ما هو عليه! لعل أحدا لم ينس بعد أن العدالة الاجتماعية كانت وما تزال الركيزة الأساسية التي دفعت بالملايين من عموم هذا الشعب النزول في شوارع مدن مصر يوم 25 و 26 و 27 يناير 2011 لتحول تظاهرة احتجاجية متواضعة الي ثورة شعبية ذات مطالب محددة بقي أن نوفي بأهم مطالبها وادعاها الي الاستقرار الاجتماعي: العدالة في توزيع ناتج التنمية ... ولاحظوا أن الكثير من الدول استطاعت أن تتحرك بداخل المنظومة العولمية هذه بتوازن اكثر بكثير مما فعلنا نحن! ولا تنسوا أن التنمية لدينا بلغت نحو 7 % قبل 25 يناير، انما لم يصل منها شيء يذكر للبسطاء!