كل ما جري في نيويورك.. ابتداء من خطاب الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. أو اجتماعه بالرئيس أوباما.. وحتي لقاؤه بالزعماء الذين لم يخالطهم من قبل.. تشير إلي أننا نخاطب العالم.. بلغة العصر! لغة المستقبل.. لغة عالم سوف تتعدد فيه الأقطاب.. ولن يظل حكرا علي قطب واحد.. ولا علي ثقافة تهبط علينا من البيت الأبيض.. وكان هنري كيسنجر يطلق عليها «القيم الأمريكية»! القيم الأمريكية.. تراجعت سمعتها بعد العديد من الممارسات السلبية.. وانتهي عمرها الافتراضي.. وأصبحنا أمام عصر جديد.. تطل فيه العديد من القوي العظمي الاقتصادية.. الجديدة.. التي تعبر عن ثقافات وحضارات وقيم إنسانية وأخلاقية لم يعرفها العالم طوال سنوات الحرب الباردة.
نحن الآن.. أمام قيم إنسانية.. جديدة التف حولها ضمير البشرية.. ولم يعد يختلف عليها الضمير الكوني المعاصر.. وتشاء الأقدار أن تكون كلمة الرئيس السيسي أمام الضمير العالمي.. ومن فوق منبر الأممالمتحدة.. هي أول اعلان عن هذه القيم الإنسانية الجديدة. شاءت الأقدار ان تكون كلمة الرئيس المصري هي أول تعبير عن القيم الجديدة.. وكأن التاريخ يعود بنا إلي عصر قدماء المصريين الذين كانوا أول من أعلن عن المبادئ الأخلاقية التي تحكم الصراعات بين البشر. مصر قامت بهذا الدور عند فجر التاريخ.. وقبل أن تصدر الصين في القرن الرابع قبل الميلاد..القواعد التي يتعين الالتزام بها في ميادين القتال. كانت كلمة السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.. تعد نموذجا.. لنهج أخلاقي جديد.. وهو ما آثار موجات التصفيق والتأييد والمساندة لكلمة الرئيس المصري.. التي مست القلوب في الوقت الذي تتطلع فيه البشرية لقيم أخلاقية جديدة.. ترفض الإرهاب.. واغتيال المدنيين الأبرياء.. ونسف محطات الكهرباء.. وتدمير المنشآت العامة.. وذبح الخصوم.. بالسكاكين والخناجر والسيوف التي تعود لثقافة الصحراء والهمجية.. وإهدار الأرواح باسم العقائد الدينية. تحدث الرئيس السيسي عن الإرهاب.. وعن المنظمات الإرهابية التي ترفع الشعارات الإسلامية.. ومعها الأعلام السوداء والشعارات التي تقطر دما.. وعن الاعتصامات التي ترتكب فيها كل ألوان الدعارة والموبقات.. إلخ. وبالتالي فقد كانت مصر هي الموضوع الرئيسي للدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة .. لسبب بسيط هو ان انتشار جماعات الإرهاب في العديد من بقاع العالم.. وتهديدها للولايات المتحدة والعديد من الدول الاوروبية.. لم تعد من قبل الاسرار التي تتناولها الحكومات في دهاليز السلطة.. وانما باتت حديث الشعوب التي تعاني مخاطر الإرهاب الذي يتدثر بعباءة الإسلام لتحقيق مغانم ومكاسب.. بمساندة ما يطلق عليه القيم الأمريكية.
ليس سرا.. بالطبع.. أن واشنطن.. هي الأب الروحي للإرهاب.. وان البيت الأبيض في ظل الرئيس أوباما كان صاحب اليد الطولي في تمويل الإرهاب.. وقطع المعونات العسكرية عن الدول التي تقاوم الإرهاب.. وتصد الهجمات المسلحة المدججة بأحدث ألوان معدات النسف والتخريب والتدمير.. التي تمولها الاجهزة الأمريكية! كانت عمليات وقف تزويد الدول التي تحارب الإرهاب.. بالأسلحة هي أول تعبير عن تأييد واشنطن للإرهاب.. وفقا لما كان يطلق عليه «القيم الأمريكية»! يحدث هذا في الوقت الذي لانزال نذكر فيه كلمة الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الصغير.. وهو يدعو مجلس الأمن للوقوف إلي جانب بلاده في حربها ضد الإرهاب وقال جملته الشهيرة: نحن لسنا في حاجة إلي مجلس الأمن وسوف نحارب صدام حسين.. وحدنا! ومن هذه الثقافة.. التي يطلق عليها القيم الأمريكية بدأت الكارتر العراقية.. وتقسيم العراق لثلاث دول.. واحدة كردية واخري شيعية وثالثة سنية بزعامة جماعة داعش!
وتبقي بعد ذلك إشارة.. وهي ان كلمة السيسي أمام المجتمع الدولي.. تنطوي علي أكثر من علامة: أولا: ان مصر.. هي الدولة الرائدة في مكافحة الإرهاب.. وان التجربة المصرية.. هي التجربة التي يتعين علي دول العالم التوقف امامها والاستفادة من دروسها. وثانيا: ان علي البيت الأبيض ان يعيد النظر فيما كان يسمي القيم الأمريكية.. قبل أن تفقد بلاده مصداقيتها وشرعيتها في ربوع العالم.. الجديد الذي سوف تتعدد فيه الأقطاب. وقبل ذلك كله فإن كلمة الرئيس السيسي تشير إلي ما هو أهم.. وهو أن قافلة البناء والتعمير في بلدنا تتقدم.. ومن الطبيعي انه عندما تسير القوافل تنبح الكلاب.. ونباح الكلاب لا يعطل سير القوافل! بل ان نباح الكلاب علامة خير يؤكد أن القوافل تسير وتتحرك.. وتتقدم.. وهي علامة صحية.. ولا يتجاوز تأثيرها في الواقع تأثير.. كركرة الجوز.. وانفاس الحشيش!