وأنتهى به الحال فى بيع هدوم البالة لم يتخيل(خالد شيحة) يوما انه سوف يهجر كتابة الشعر وتجارة الكتب ويمتهن بيع (هدوم البالة) الملابس المستعملة بوكالة البلح.. قصته طويلة كما يروي فيقول: عام 1984 رحلت عن الصعيد قادما للقاهرة.. لم أكن اعرف بها أحدا ولا أحد بالطبع يعرفني.. كنت قد أنهيت دراستي المتوسطة.. حاولت البحث عن وظيفة بالقاهرة فشلت.. وجدتني مشدودا للقراءة.. تذكرت أن زوج خالتي يتاجر في الكتب القديمة بسور الأزبكية.. بحثت عنه عملت معه في تجارة الكتب.. وقتها كانت الكتب زهيدة الثمن عالية القيمة والزبائن من كل الأعمار (وياريت نسد عليهم). تعرفت خلال سنوات بيعي للكتب في سور الأزبكية علي العديد من الكتاب الكبار شعراء وروائيين وصحفيين.. لاحظت انني اقرأ الكتب قبل بيعها للزبائن.. شدتني كتب الشعر العامي قرأت بيرم التونسي وصلاح جاهين وفؤاد حداد بنهم.. بهرني حبهم الشديد لمصر.. اظن تشربت منهم هذا الحب لمصر.. وجدتني فجأة أحاول كتابة القصيد العامي المطعم بالفصحي في حب مصر (لو بتحبوا مصر.. ادعولها في كل عصر.. انا عمري كله فداها وبحب لقاها.. ). لم اتخل بالطبع عن بيع الكتب مع كتابتي للشعر حيث استقليت «بفرشة» للكتب في شارع الجلاء ومشي الحال شويه.. بدأت محاولاتي الشعرية تتبلور مع ثورة يناير واحساسي العالي بها.. عرضت اشعاري علي كثير من زبائني علي فرشة الكتب.. طلب مني موسيقار كبير المشاركة مع عدد من الشعراء في كتابة كلمات أغنية بمناسبة احتفالية للتليفزيون.. فجأة استدعاني الموسيقار لمقابلته في الشهر العقاري.. اعطاني خمسين جنيها وطلب مني تسجيل القصيدة باسمه.. سجلتها له.. لم أدر لماذا طلب ذلك.. عرفت فيما بعد ذلك ان قصيدتي صارت ملكا له مقابل هذا المبلغ.. لم اكن ادري معني تسجيل القصيدة في الشهر العقاري.. ! بدأت اكتب الشعر بشكل منتظم حتي بات عندي تلال من الأوراق تحتضن شعري.. أفكر في إصدار ديواني الأول حاليا.. كتبت بعض الاوبريتات الغنائية أخرها اوبريت «بيت العائلة المصرية» عن الوحدة الوطنية.. للأسف لم أجد أحدا يلتفت لموهبتي الشعرية رغم ثناء الكثيرين علي ما اكتب حاليا اكتفي بكتابة الشعر وابحث عمن يغني لي بعض اشعاري.. لكن حدث تحول خطير في الشارع حيث لم تعد تجارة الكتب كما كانت من قبل مربحة ولها زبائن.. خاصة ان لدي عائلة «بنتان منة الله ونرمين» في المراحل الأولي من الدراسة وكلنا يكتوي بتكاليف الحياة المتصاعدة.. بالمصادفة «فرشة كتبي» باتت بجانب بائعي (البالة) الملابس المستعملة بشارع الجلاء بعدما زحفوا علي الأرصفة طلبا للعيش الكريم.. وجدتها تجارة رائجة ومربحة عن الكتب والشعر.. ومادام الشغل ما فيهوش عيب بدأت أقف علي «استاند»ملابس من «البالة»مستعملة.. يعني من تجارة الكتب المستعملة إلي الملابس المستعملة ما تفرقش كتير غير في المكسب. طبعا مكسبها أفضل بكثير من بيع الكتب أو محاولة بيع اشعاري ومنها استطعت اعالة نفسي وأسرتي.. الزبائن تلجأ إلينا لشراء الملابس المستعملة لرخصها وهربا من نار أسعار المحلات التي لا ترحم الكبير ولا الصغير.. أخيرا أستطيع القول بالفم المليان الملابس المستعملة اغنتني عن كتابة الشعر وتجارة الكتب وساعدتني علي المعيشة.. ومع ذلك لن أتوقف عن كتابة الشعر.