بقدر ما نقلت مخاوفي للقراء والمسؤولين ونقلت صرخات المتخصصين المطالبين بتنمية محور قناة السويس.. بقدر ما كانت فرحتي بتدشين توسعة القناة. ضربة بداية موفقة قام بها الرئيس السيسي في مشوار التنمية الشاملة بإعلانه عن مشروع توسعة قناة السويس. كان حلماً هرمنا حتي نري إرهاصاته، مشروع قومي يجمع المصريين كافةً حوله لا يقل في أهميته عن مشروع تنمية سيناء الذي نتطلع اليه. علي المستوي الشخصي جف حلقي من التنبيه لضرورة الاهتمام بقناة السويس بل إنقاذها وتنميتها لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية التي تحيط بمكانة القناة، وكتبت اكثر من مرة سواء في «يوميات الأخبار» أو في صفحة «من قلب اسرائيل» عن مخططات غير خافية للدولة العبرية من أجل تهميش دور القناة في الملاحة العالمية والقفز علي هذا الدور والاستيلاء عليه عن طريق خطط حفر قناة عميقة في نهاية الطرف الشمالي لمدينة إيلات بمحاذاة الحدود الأردنية تكون قادرة علي تداول الحاويات التي سوف تنقل بالسكك الحديدية من ميناء ايلات وحتي داخل إسرائيل الي ميناء اسدود علي البحر المتوسط. كما نبهت للمنافسة العالمية التي تواجهها القناة سواء مع طريق بحر الشمال (إذ تقل المسافة من ميناء هامبورج في المانيا الي ميناء يوكوهاما باليابان عن طريق بحر الشمال بنسبة 40٪ عنها عبر قناة السويس وبما يوفر 9 أيام من زمن الرحلة البحرية . أو مع توسعات قناة بنما العالمية التي ستنتهي بحلول عام 2015 (حيث من المقرر ان تسمح تلك التوسعات بمرور السفن الحاويات بما يؤثر علي أعداد الحاويات التي تعبر قناة السويس بنسبة قد تصل الي 10٫5% من اجمالي الحاويات العابرة لقناة السويس). بقدر ما نقلت مخاوفي للقراء والمسؤولين ونقلت صرخات المتخصصين من أمثال الدكتور علي بسيوني التي نادت بتبني مشروع تنمية محور قناة السويس لإقامة مركز اقتصادي لوجستي عالمي، بقدر ما كانت فرحتي بتدشين توسعة القناة. كنت أثق انه سيأتي يوم نجد فيه الزعيم الوطني المخلص الذي يهب ليأخذ بيد الوطن نحو مستقبل اكثر إشراقاً ورفاهية. لكننا ونحن في غمرة احتياجنا للفرح والالتئام والتكاتف حول مشروعنا القومي، نحتاج في ذات الوقت وبنفس القدر من الأهمية الي الاستمساك بالمنهج العلمي حتي عند الترويج لمشروعاتنا القومية، من ثم فإننا لا نحتاج بالقطع للمبالغة والتهليل والتهويل. لذلك كان من العيب ان نطلق علي إضافة تفريعة جديدة للقناة لا تتجاوز 11% من اجمالي طولها بتفريعاتها وصف قناة جديدة أو موازية. ومن السخف ان تبالغ بعض الأقلام لتكتب ان المشروع القومي الحالي يضارع في أهميته السد العالي. لا أهون هنا من قدر الإنجاز المنتظر ولا جدواه الاقتصادية المأمولة من حيث تخفيض زمن عبور السفن ومن ثم زيادة عدد السفن المارة، أو من حيث اجتذاب نسبة أكبر من حاويات النفط العملاقة لعبور القناة مباشرة دون الحاجة لتفريغ حمولتها، وإعادة تحميلها بعد القناة. لكن الواقعية واستخدام المنظور العلمي يحتمان علينا ان نسمي الأشياء بمسمياتها، وألا ننزلق وراء تهويمات إعلامية تخلط فيما تنشره بين مشروعين مختلفين تماماً وأقصد المشروع الحالي (إضافة التفريعة الجديدة أو لنسمها التوسعة) وبين مشروع تنمية اقليم قناة السويس بكل ما يرافقه من مظاهر التنمية الشاملة المستدامة، هذا الخلط الإعلامي الذي ينم عن تشوش الرؤية يقلل من قدر هذا الإنجاز الضخم وينقله الي مستوي جهاز عبد العاطي لعلاج فيروس سي. لا أظن أن الرئيس السيسي يحتاج أو ينتظر من النخبة هذا القدر من المداهنة والرياء، علي العكس أكاد أجزم انه يحتاج لأصحاب العقول والأفكار الخلاقة، ولهذا أدعوه للاستماع لكافة الرؤي وأصحاب النظريات المتخصصة.