«تحقيق أهداف 25 يناير/30 يونيو يعني ببساطة وصراحة، ضرورة إقتلاع جذور المشروع الساداتي / المباركي للفساد المسئول عن كل التخريب والتجريف في مصر منذ منتصف سبعينات القرن المنصرم وحتي الآن»!!. حلم المصريين ببناء وطن جديد تتحقق فيه أهداف ثورة 25 يناير/ 30 يونيو، لا يمكن تصوره، ناهيك عن إنجازه، إلا علي أنقاض دولة الفساد التي دشنها السادات وكرسها مبارك علي مدي أربعة عقود..وقد أقر الرئيس السيسي في حديثه لرءوساء تحرير الصحف بأن «هناك خميرة فساد تجذرت علي مدي اربعين عاما، وتحتاج وقتاً حتي يتم استئصالها، وسيتم ذلك بالقانون».. وهذا هوبيت القصيد ..فدولة الفساد الساداتية / المباركية لم تكتف بالهيمنة علي الإقتصاد وتدميره، وتقويض مؤسسات الدولة، وبيع القطاع العام بملاليم لبارونات الفساد ولصوص الحاشية، وإنما طالت يد التخريب والإفساد ضمائر وذمم المصريين إلا من رحم ربي..وهذا هوالتحدي الاكبر والاصعب الذي ستصطدم به أي محاولة جادة لإصلاح ما فسد.. ويمكننا القول إن تحقيق أهداف الثورة يعني ببساطة وصراحة، ضرورة إقتلاع جذور المشروع الساداتي / المباركي للفساد الشامل والتجريف والتبديد المتعمد والممنهج الذي تعرضت وتتعرض له الثروات والاصول والعقول في مصر منذ منتصف سبعينات القرن المنصرم وحتي الآن!!..ويتعين أن نعترف بأن دولة الفساد هذه لا تزال قائمة وجاثمة ومسيطرة ومتغلغلة في مفاصل الوطن رغم قيام ثورتين..بل إنها تقاوم بكل ما تستطيع أي محاولة أوحتي فكرة للتغيير الحقيقي أوالتطهير..والأدهي من ذلك أنها حاولت ولا تزال ركوب الموجة الثانية للثورة في 30 يونيو، والسطوعليها، وإعادة نظام مبارك بوجوه وأحزاب جديدة !!..ويتعين أن نعترف ايضاَ بأن حكومات وسياسات سلطة ما بعد 30 يونيو، عززت أحلام العودة لدي لصوص وقيادات الفساد في عصر مبارك..فمعظم الوزراء وكبار المسئولين في حكومتي الببلاوي ومحلب جاءوا من دولاب النظام الذي ثار عليه الشعب، ناهيك عن أن أغلبهم من كبار السن، وهوما أحبط شرائح عريضة من الشعب وخاصة الشباب الذين شعروا بأن شيئاً لم يتغير في الرأس!!..غير أن الطامة الكبري تمثلت في قرارات حكومة محلب الإقتصادية الأخيرة التي قصمت ظهر الاغلبية الساحقة من الشعب، والتي لم تجرؤ أي حكومة سابقة علي اتخاذها، بل إن قرارات أقل منها قسوة كادت أن تسقط نظام السادات في السبعينات لولا تراجعه عنها..ولكن حكومة محلب استغلت بمكر وخبث شديدين شعبية السيسي، ورعب الناس من عودة شبح الإرهاب، لتمرير «الروشتة» الأكثر إيلاماً!! ..والمُفجع أنها نفذت هذه الإجراءات بغباء لا تُحسد عليه من حيث التوقيت والإخراج،إذ منحت هدية ثمينة للآلة الإعلامية الجبارة لجماعة الإخوان التي لا تتوقف عن تحريض البسطاء علي النظام، ثم لجأ بعض الوزراء الي الكذب عندما أكدوا أن الإجراءات لن ترفع الاسعار، فضلاَ عن استخدام لفظ «تحريك» الاسعار وهي كلمة سيئة السمعة و»خادشة لذكاء» المصريين !!.. والآن ..ليس أمام الحكومة والرئيس السيسي، الذي بدأ بنفسه وتنازل عن نصف راتبه ونصف ثروته، إلا الإصرار علي التطبيق الصارم للحد الاقصي للدخل علي الجميع ودون استثناء، حتي يثق الناس أنهم لن يدفعوا فاتورة الازمة وحدهم وأن العدالة الإجتماعية لم تمت بعد!!.. وعليه، فإنه يتعين علي الرئيس إصدار القوانين اللازمة للتطبيق الفوري، وخاصة علي الجهات التي تردد أنها رافضة مثل بعض الهيئات القضائية والبنوك التي تتذرع بالخوف من هروب الخبرات..وهذه اكذوبة مضحكة لأن عصر مبارك لم يترك لدينا خبرات لا يمكن تعويضها وخاصة في البنوك التي سيطر عليها بالمحسوبية والباطل رجال حاشيته وصبيانهم ..ولوهربت هذه القيادات، وخاصة الفاسدة، فإن ذلك سيكون من حسن حظ مصر لان لدينا شبابا مؤهلاَ يستطيع إدارة هذه البنوك علي أعلي مستوي، وهم ينتظرون الفرصة المواتية ..ولكن حذارِثم حذار من الفشل في تطبيق الحد الاقصي للدخل علي الجميع وفورا، لأن ذلك سيعني إنتصار دولة الفساد وإنزلاق مصر الي مستنقع اللادولة !!..