محمد معيط: دين مصر زاد 2.6 تريليون جنيه لم نقترضها    عضو بالأرصاد: توقعات بأمطار متوسطة على السواحل الشمالية الشرقية اليوم    أمم إفريقيا - لوكمان: تونس لا تستحق ركلة الجزاء.. ومساهماتي بفضل الفريق    يوفنتوس يقترب خطوة من قمة الدوري الإيطالي بثنائية ضد بيزا    ما بين طموح الفرعون ورغبة العميد، موقف محمد صلاح من مباراة منتخب مصر أمام أنجولا    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    نيويورك تايمز: توجيه سري من ترامب لضرب 24 جماعة لتهريب المخدرات خارج الأراضي الأمريكية    إصابة 3 أشخاص في اصطدام توكتوك ب"ميكروباص" في الدقهلية    تفاصيل إصابة محمد على بن رمضان فى مباراة تونس ونيجيريا    هل فرط جمال عبد الناصر في السودان؟.. عبد الحليم قنديل يُجيب    2025 عام السقوط الكبير.. كيف تفككت "إمبراطورية الظل" للإخوان المسلمين؟    لافروف: أوروبا تستعد بشكل علني للحرب مع روسيا    نوفوستي تفيد بتأخير أكثر من 270 رحلة جوية في مطاري فنوكوفو وشيريميتيفو بموسكو    ناقد رياضي: الروح القتالية سر فوز مصر على جنوب أفريقيا    أحمد سامى: كان هيجيلى القلب لو استمريت فى تدريب الاتحاد    لافروف: نظام زيلينسكي لا يبدي أي استعداد لمفاوضات بناءة    الدفاع العراقية: 6 طائرات جديدة فرنسية الصنع ستصل قريبا لتعزيز القوة الجوية    حادثان متتاليان بالجيزة والصحراوي.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين وتعطّل مؤقت للحركة المرورية    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل مصرع شخص قفزا فى النيل    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميل روبير الفارس لحصوله علي جائزة التفوق الصحفي فرع الصحافة الثقافية    نيلي كريم تكشف لأول مرة عن دورها في «جنازة ولا جوازة»    مها الصغير تتصدر التريند بعد حكم حبسها شهرًا وتغريمها 10 آلاف جنيهًا    آسر ياسين ودينا الشربيني على موعد مع مفاجآت رمضان في "اتنين غيرنا"    «زاهي حواس» يحسم الجدل حول وجود «وادي الملوك الثاني»    بعد القلب، اكتشاف مذهل لتأثير القهوة والشاي على الجهاز التنفسي    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    اسعار الحديد اليوم السبت 27ديسمبر 2025 فى المنيا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تتحول فى ظل الانقلاب إلى «فسادستان»
نشر في الشعب يوم 04 - 03 - 2014

حكومة متهمة بالفساد تتعهد بمحاربة الفساد.. «محلب وشركاه»!
وزراء ثانى حكومة بعد الانقلاب: مباركيون.. رجال أعمال.. استبداديون.. فاسدون
جهاز المحاسبات اتهم وزراء الداخلية والنقل والبترول والعدل وأجهزة سيادية بالفساد فأبقى عليهم «محلب»!!


لم يكن تعيين إبراهيم محلب رئيسا للوزراء وهو المتهم بالفساد فى عدة قضايا -تحقق فيها النيابة ولا يعرف هل ستحفظها الآن أم لا- منها القصور الرئاسية وكسرات المحاجر وغيرهما، هو فقط مفاجأة التعديل الوزارى الأخير، ولكن المفاجأة الأكبر كانت المجىء بوزراء آخرين من نظام مبارك متهمين بالفساد وعليهم علامات استفهام، وإبعاد حتى وزراء "جبهة الإنقاذ" الذين دعموا الانقلاب وتصوروا أن هناك شيئا جديدا يسمى ثورة 30 يونيو لتصحيح ثورة 25 يناير فوجدوا أنفسهم ملقين على قارعة الطريق!.
فبعد الفشل الذريع لحكومة حازم الببلاوى، ها هى حكومة من خلال نفس أعضاء الوزارة المقالة بل جميعها من أتباع النظام السابق لتجهز على البقية الباقية من مكتسبات ثورة يناير وتعيد نظام الفساد واللصوصية المباركى بنفس الوجوه فى صورة التشكيل الوزارى لثانى وزارات الانقلاب، ما جعل مظاهرات الجمعة الماضية وما يليها ترفع شعار (لا لعودة الفسدة).
وقال التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب تعليقا على اختيار إبراهيم محلب رئيسا للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة، إن "الانقلاب العسكرى قام لحماية مصالح الانقلابيين والفاسدين وليحمى الثورة المضادة"، مستدلا على اختيار قادة الانقلاب لرئاسة حكومتهم الثانية غير الشرعية "أحد المثار ضدهم اتهامات بالفساد".
ولم يعد السؤال هو: كيف يتولى محلب رئاسة الحكومة، وهو كان غطاء لفساد الأنظمة خلال الأعوام السابقة، ومتهم فى قضية يفترض أن النائب العام يحقق فيها حتى الآن، وهل سيغلق النائب العام بلاغات قصور الرئاسة ضد إبراهيم محلب بعدما أصبح رئيسا للوزراء؟ ولكن السؤال بات هو: لماذا الإصرار على المجىء بكل هذا الكم من وزراء العهد المباركى البائد وكأن حكومة محلب هى تدشين للعودة الرسمية لنظام مبارك الذى بقى جسده بالكامل عقب ثورة 25 يناير رغم الإطاحة بالرأس؟!
فحكومة محلب الثانية استبعدت وزراء أحزاب جبهة الإنقاذ، وهى المكون الأساسى لأول حكومة بعد انقلاب 3 يوليو حكومة الببلاوى المستقيلة، فمحلب استبعد من حكومته بشكل نهائى كلا من: الدكتور حسام عيسى وزير التعليم العالى عضو التحالف الشعبى، وكمال أبو عيطة وزير القوى العاملة عضو حزب الكرامة، والدكتور أحمد البرعى وزير التضامن الاجتماعى الأمين السابق لجبهة الإنقاذ، وطاهر أبو زيد وزير الرياضة عضو حزب الوفد، والببلاوى، ونائبه وزير التعاون الدولى زياد بهاء الدين، كانا ينتميان إلى الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، كما كان محمد البرادعى رئيس حزب الدستور نائبا للرئيس المؤقت، وذلك قبل استقالته من منصبه، وأصبحت الحكومة الجديدة كل رموزها الأساسية من النظام القديم.
والغريب أنه من أصل 30 وزيرا تم الإبقاء على 19 وزيرا كلهم من مؤيدى الانقلاب والنظام السابق؛ حيث بقى كل من: المشير السيسى وزيرا للدفاع، ومحمد إبراهيم وزيرا للداخلية، ومحمد مختار جمعة وزيرا للأوقاف، ودرية شرف الدين وزيرة للإعلام، وأشرف العربى وزيرا للتخطيط والتعاون الدولى، واللواء عادل لبيب وزيرا للتنمية المحلية والإدارية، وهشام زعزوع وزيرا للسياحة، وشريف إسماعيل وزيرا للبترول، وخالد عبد العزيز وزيرا للشباب والرياضة، وعاطف حلمى وزيرا للاتصالات، ومنير فخرى عبد النور وزيرا للاستثمار والتجارة، وأيمن فريد أبو حديد وزيرا للزراعة واستصلاح الأراضى، والدكتور محمد إبراهيم وزيرا للآثار، والدكتور محمود أبو النصر وزيرا للتربية والتعليم، إضافة إلى 11 وزيرا جديدا.
وكان من الغريب أن وزيرا مثل «أبو عيطة»، قال إنه سيعود للنضال فى الشارع مرة أخرى لتحقيق أحلامه التى لم يتمكن من تحقيقها وهو وزير، زاعما بعد دوره فى دعم الانقلاب أنه «من أبناء هذه الثورة»، وأنه لم يخن العمال، ولكنه تعاطف مع الظروف الصعبة للدولة، على حد قوله!!

فلول مبارك يعودون لتصدر المشهد
وقد أشارت حركة الاشتراكيون الثوريون إلى سبب آخر وراء المجىء بوزراء مبارك للحكومة الثانية بعد انقلاب 3 يوليو مؤكدة أن: النظام قام بترشيح إبراهيم محلب «وزير الإسكان والعضو السابق بلجنة سياسات جمال مبارك بالحزب الوطنى ليقوم بتشكيل الحكومة الجديدة، التى سيتم فى عهدها انتخابات الرئاسة والبرلمان، ليتصدر فلول نظام مبارك المشهد فى المرحلة القادمة دون ستار»!.
وكان من أبرز الفلول الذين استعان بهم محلب قبل أن يتراجع بسبب كم الغضب الشعبى عليه هو (أشرف منصور) الذى اختاره وزيرًا للتعليم العالى والبحث العلمى ثم تراجع بعد رفض المجلس الأعلى للجامعات وكافة القوى السياسية؛ لاتهامه بوجود صلة وطيدة تربطه بنظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك ومنح سوزان مبارك أعلى وسام فى الجامعة وافتخاره بكونها راعية الجامعة الألمانية التى يشرف عليها، فضلا عما وصفوه افتقاده للمعايير التى تؤهله أن يكون وزيرا للتعليم العالى وعودة سيطرة رجال الأعمال على الوزارات من جديد، وشبه التعارض بين كونه وزيرا للتعليم العالى ورئيس للجامعة الألمانية الخاصة فى التوقيت ذاته.
فضلا عن قيامه بفصل الطلاب الذين طالبوا بوضع لائحة طلابية وعدم سماحه بوجود اتحاد للطلاب فى الجامعة الألمانية بما ينذر بالديكتاتورية التى ستكون عليها طريقته فى الإدارة، ويعيد الوجه السيئ لما كان قبل الثورتين بشكل كامل.
ولهذا قوبل ترشيحه بموجة من الرفض من أغلب الحركات الجامعية وأصدرت اللجنة التنفيذية لمؤتمر 31 مارس بيانا قالت فيه إن قيام الثورة جاء لإقامة العدالة الاجتماعية والتخلص من سيطرة رجال الأعمال أيًا كانت انتماءاتهم على مقدرات هذا الوطن، وهو ما يتعارض تمامًا مع تولى أحد رجال الأعمال لوزارة التعليم العالى فى استمرار لنفس السياسة الخاطئة فى اختيار وزراء التعليم العالى منذ ما قبل الثورة.
وقيل أيضا إن الادعاء بتميز د. أشرف منصور فى إدارته لجامعته الخاصة كمبرر لتوليه منصب وزير التعليم العالى هو ادعاء مغلوط لأن (الألمانية) جامعة خاصة يتم دعمها بالملايين من الخارج، وتم دعمها بشكل غير مباشر من الدولة بمنحها الأرض بسعر رمزى والإعفاء من الضرائب، وهذا ليس دليلًا على قدرته على قيادة الجامعات المصرية وخاصة الحكومية منها التى تشكل العدد الأكبر، كما أنه نموذج على سيطرة رجال الأعمال على الوزارة، وتعيين وزراء كل مؤهلاتهم أنهم لا يعلمون عن مشكلات الجامعات الحكومية شيئًا، ويسعون لتقليد الغرب بشكل أعمى دون تطويع يناسب المجتمع المصرى.
ومن أبرز الوزراء المتهمين بالفساد أيضا وزير العدل السابق الذى اتهمه المستشار هشام جنينة -رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات- بتقاضى أموال ليست من حقه، فرفع عليه قضية تشويه القضاء وإحالته للتحقيق!!.
فهشام جنينة اتهم وزير العدل السابق والمستشار أحمد الزند بارتكاب تجاوزات مالية ونشر تفاصيلها وطلب التحقيق معهما وانتداب قاض للتحقيق فى هذه التجاوزات، فقاموا بالتحقيق معه هو وتحويله للمحاكمة ولم يحققوا فى التهمة الأصلية.. والمستشار الخضيرى وأحمد مكى اتهما قضاة بتزوير انتخابات 2005 فتم اعتقال الخضيرى وطلب أحمد مكى للتحقيق معهما بدلا من التحقيق مع من اتهموهم بتزوير الانتخابات.. والآن يجعلون أحد الخصوم الذين اتهمهم المستشار وليد شرابى بتزوير الانتخابات هو الذى يحقق مع وليد شرابى ويوقفه عن العمل ويمنع راتبه حتى اضطره للاستقالة من سلك القضاء!.
وليد شرابى قال تعليقا على هذا: "هناك من القضاة من استولى على حكم البلاد فى ظل انقلاب عسكرى ومنهم من استولى على أراضٍ دون وجه حق ومنهم من زور الانتخابات ومنهم من حصل على هدايا من مؤسسات صحفية خاسرة بسبب وظيفته وجميعهم يستحقون المحاكمة ولكن يغض الطرف عن كل ذلك ما دام صاحبها مؤيدا للانقلاب، فأى عدالة تلك التى ترى محاكمتى ولا تلتفت إلى هذه الجرائم"!!.
وقد دعت (جبهة استقلال القضاء) لفتح التحقيق المجمد ضد وزير العدل فى حكومة الانقلاب المستقيلة، والمتهم بفساد مالى، فضلا عن تحريك كافة الاتهامات ضد باقى الوزراء، خاصة وزيرى الدفاع والداخلية، مؤكدة أن استمرار ممثلى السلطة القضائية الحاليين فى العصف بسيادة القانون، وترك المتهمين بالقتل والفساد فى اغتصاب السلطة والعبث بمقدرات الدولة والوطن، مشاركة فى الجريمة.

تحذير من ثورة ضد "القضاء الفساد"
وبينما تتهم حكومة محلب بأنها استمرار لتولى متهمين بالفساد للمناصب الحكومية، رغم إعلانها البروتوكولى أنها ستحارب الفساد(!)، لم يجد رئيس أرفع جهاز رقابى (عينه الرئيس محمد مرسى وتجرى محاولات لعزله ومحاكمته) وسيلة يعلن بها عن وقائع فساد بالجملة ارتكبتها كافة أجهزة الدولة المصرية منذ الانقلاب العسكرى فى 3 يوليو 2011، سوى عقد مؤتمر صحفى يخاطب فيه الشعب المصرى نفسه بعدما أيقن أن أجهزة الانقلاب لن تحقق فى هذا الفساد لأنها هى ذاتها المتهمة بالفساد، وحولت مصر إلى "فسادستان" منذ الانقلاب على النظام الشرعى المنتخب.
المستشار جنينة، وهو قاض كبير سابقا ونائب رئيس محكمة النقض، قال: إن هناك الكثير من الجهات المفترض أنها مسئولة عن مساءلة من يخرق القانون، هى من يخترق القانون سواء أمنية أو قضائية!.
فلا يوجد برلمان يحاسب أحدا على فساده بعدما حل الانقلابيون البرلمان، ولا يوجد جهاز تنفيذى يحاسب المفسدين بعدما طال الفساد كافة الأجهزة التنفيذية فى الدولة.. قضاء.. نيابة.. شرطة.. مخابرات.. رقابة إدارية، وزاد على هذا تلكؤ البيروقراطية المصرية العتيقة بعدما استشرى الفساد فى صلب أجهزة الدولة ومؤسساتها المهمة والحساسة وباتت متهمة بنهب ثروة البلد المالية والعقارية!.
من هنا أثارت البيانات الرسمية والتقارير الموثقة التى أعلنها المستشار هشام جنينة -رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات- جدلا كبيرا، رغم تعتيم وسائل إعلام النظام عليها وعدم إبرازها، لأنها كشفت حجم الفساد فى أجهزة الدولة ونوعية الجهات المتورطة فى الفساد، ما جعل نشطاء الإنترنت يسخرون من كيفية التحقيق فى وقائع الفساد المتهم فيها: النيابة والشرطة والقضاء والمخابرات والرقابة الإدارية، وهى الأجهزة المفترض أنهم من سيحقق ويقبض على الفاسدين(!)، مؤكدين استحالة ذلك وضرورة تدخل جهة أخرى عليا فى التحقيق.

بقاء وزير الداخلية رغم التجاوزات المالية والقتل
المستشار جنينة كشف عن تورط النيابة والقضاء والشرطة فى تجاوزات مالية خطيرة خاصة بالحزام الأخضر فى مدينة 6 أكتوبر بضواحى القاهرة بمساحات تقرب من 35 ألف فدان، وقيمة هذه الأرض تصل إلى 18 مليار جنيه، قال إنها قسّمت على جهات سيادية معنية بكشف الفساد(!)، وعلى رأسها النيابة العامة والرقابة الإدارية ومباحث أمن الدولة فرع القاهرة والجيزة، وشركات تابعة للمخابرات، ما يعطى مؤشرا على أن الإفساد ممنهج وأن الفساد دائما يحتمى ببعضه، والملفت أن الوزراء المتهمين بهذه الوقائع ظلوا فى مناصبهم بحكومة محلب وعلى رأسهم وزير الداخلية.
وقال إن اللجنة المختصة بفحص مستندات المنطقة الخضراء مُنعت -بأمر من النيابة- من الاطلاع على 295 ملفا لشخصيات جرى التكتم على أوضاعها، وأن مسئول جهاز المحاسبات المختص بالموضوع تلقى تهديدا حذره من عواقب الاستمرار فى أداء مهمته باعتبار أن من شأن ذلك تسليط الأضواء على فساد عدد من كبار المسئولين السابقين والحاليين!!.
كما كشف أن بعض مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية مارست اعتداءات على مجرى نهر النيل وبعضها أقدم على ردم أجزاء منه وإقامة مبان خرسانية عليها. وقد قدرت المخالفات المتعلقة بنهر النيل بنحو 18 مليار جنيه.
المستشار جنينة قال بوضوح إن حجم الفساد فى مؤسسات قضائية بلغ ثلاثة مليارات جنيه، كما وصل حجم الفساد فى جهاز مباحث أمن الدولة (الأمن الوطنى حاليا) إلى اثنين ونصف مليار جنيه، وقال إن كلا المؤسستين ترفضان التعاون مع الجهاز، وكشف عن أن وزيرا للداخلية استولى على أراضٍ كانت مخصصة لإنشاء مدرسة بعد أن تلاعب بقرار التخصيص الصادر لها، وفى إشارة معبرة ومؤثرة جدا.
أيضا كشف رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات أن الجهاز تقدم ب428 بلاغًا للنائب العام منذ عام 2011 وحتى الآن منها 265 لم يفتح فيها تحقيق حتى الآن، و93 فقط فتح فيها التحقيق، و9 فقط صدر فيها حكم إدانة، وتحفظت النيابة العامة على 28 بلاغًا، لافتًا إلى أن الجهاز لم يتحصل على رقم التحقيق الجارى مع المتهمين ولا رقم القضية فى أى بلاغات مقدمة، كما أن المركزى للمحاسبات قدم 227 بلاغًا للرقابة الإدارية، فى المدة ذاتها، منها 161 قضية لم يفتح فيها تحقيق حتى الآن و17 قضية حفظت، دون أن يعرف الجهاز أى سبب لحفظ التحقيق، مضيفا أنه تم إرسال 65 قضية لجهاز الكسب غير المشروع و19 قضية قيد التحقيق و6 قضايا حفظت، ولم يدن فيها أى شخص ولا يعلم أسباب عدم البت فى تلك القضايا، مطالبًا بتشكيل محكمة خاصة لقضايا الجهاز المركزى للمحاسبات مثل المحكمة الاقتصادية.

بقاء وزيرى النقل والبترول رغم فساد وزارتيهما
أيضا رغم الفساد فى وزارة النقل بقى وزير النقل كما هو، وكذا وزير البترول رغم المخالفات فى شركات النفط؛ حيث تحدث المستشار جنينة عن الفساد فى مجال النقل البحرى، وعن المخالفات فى شركات النفط، وعن إسراف أجهزة الدولة فى تعيين المستشارين، مشيرا إلى أن ال2906 مستشارين الملحقين بتلك الأجهزة تقاضوا أكثر من نصف مليار جنيه فى العام المالى الأخير منها 100 مليون و900 ألف منحت لمستشارين عينوا بعد بلوغ سن الستين.

عودة استنساخ لحكومة نظيف ورجال أعمالها
من الاتهامات التى توجه أيضا لهذه الحكومة أنها استنساخ لحكومة "أحمد نظيف" بالشكل الذى يهدم معنى أن هناك ثورة حدثت فى مصر لأنها تضم عددًا كبيرًا من رجال الأعمال وليس السياسيين ورجال الدولة.
فجزء كبير من الوزراء هم من رجال الأعمال وليس لديهم رؤية سياسية لحل مشاكل مصر سوى رؤيتهم هم للاستفادة من أجواء الوزارة فى خدمة رجال الأعمال.

استمرار الحقبة الاستبدادية فى مصر
ولذلك لم يكن غريبا أن تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن انتماء محلب للحزب الوطنى السابق ونظام مبارك يعزز عودة الحقبة الاستبدادية فى مصر، وتقول فايننشال تايمز البريطانية إن تولى محلب وزير الإسكان والمهندس المدنى، الذى كان عضوا بارزا فى الحزب الوطنى الديمقراطى المنحل والتابع للرئيس الأسبق حسنى مبارك لرئاسة وزراء مصر يعزز تدهور الأوضاع الاقتصادية واستمرار القمع والاستبداد ويحبط ثورة 25 يناير.
ويقول "ها هيلر" من المعهد الملكى للخدمات المتحدة فى بريطانيا إن: "تولى محلب يعد أمرا محبطا لأولئك الذين يأملون فى أن لا يستفيد أتباع مبارك من التعديلات الدستورية الجديدة"، ويحذر تقرير جديد صادر عن وكالة (موديمز) من ضعف النظام المالى فى مصر والحفاظ على التوقعات السلبية الخاصة بالقطاع المصرفى نتيجة استمرار التوترات السياسية والاجتماعية، والتى تستمر فى تقويض ثقة المستثمر والمستهلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.