يقدم لنا فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في كل يوم درسا جديدا في الدعوة وكيف يكون الداعية مؤثرا في مجتمعه ومقدما النموذج المثالي في الدعوة إلي الله علي بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة. ما أقوله ليس محاولة لمدح الرجل فهو في غني عن ذلك لأنه وببساطة شديدة من رجال الله لا يضع أمامه إلا مرضاته وطاعته حتي ولو لاقي في سبيل ذلك الأمرين، ذلك أنني أحسبه من عباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وقد رأينا أفعاله ولن أقول أقواله ،ففي كل الأزمات التي ألمت بهذا الوطن كان حمامة السلام التي تحاول رأب الصدع والتوفيق بين وجهات النظر ولا أدل علي ذلك من دوره البارز في طرح وثيقة الازهر حول مستقبل مصر والتي اجمعت عليها آراء القوي السياسية والدينية، بل وتقرر تدريسها في المناهج الأزهرية، وأدواره المتعددة في كل الازمات والمشاكل وآخرها قيامه بوأد الفتنه بعد كارثة أسوان، تجلت في كل مواقف شيخ الأزهر دروس في الدعوة ومنهجا ينبغي أن يدرس لكل داعية يريد أن يلقي الله بقلب سليم، ومنذ أيام قليلة قدم شيخ الأزهر أروع الدروس بقبوله دعوة البرازيل لإلقاء كلمة عن السلام العالمي والإسلام في حفل افتتاح كأس العالم بالمونديال سنجد بالطبع من المتحذلقين - وهم كثر - من يقول وما علاقة عالم جليل مثل شيخ الأزهر بكأس العالم ؟! إن شيخ الازهر بقبوله هذه الدعوة يثبت بما لا يدع أي مجالا للشك أن دور الداعية ينبغي أن يتخطي جدران المساجد، الداعية الحق يذهب إلي الناس الذين يرفضون الذهاب إليه، جمهوره الذي يحتاج إليه هم ر واد المقاهي والنواصي والنوادي والجامعات والمدارس والمصانع ودور السينما الداعية الحق لا ينتظر حتي تعد له القاعات وتنظم له المؤتمرات، بل يذهب من تلقاء نفسه إلي الشباب في كل مكان ليتقرب إليهم ويفهم ما يدور في عقولهم لقد تراجع دور الدعاة تراجعا مخزيا، ولا أدل علي ذلك مما يحدث في جامعة الأزهر - معقل الدعاة والعلماء - من عنف وتطرف وتدمير وهو أمر يدل علي تقاعس عدد ليس بالقليل من علمائه عن القيام بدورهم حتي مع طلابهم نحن في أشد الحاجة إلي دعاة يقرأون الواقع ويتفاعلون معه من منظور اسلام وسطي مستنير، وهذا ما يفعله شيخ الأزهر، وإذا كنا نأمل في عودة علماء الأزهر ودعاته إلي رسالتهم السامية في إصلاح ما أفسدته العقول المريضة فعليهم أن يقتدوا بفضيلته.