«مهنة البحث عن المتاعب» هكذا كان تعريف الصحافة لعقود طويلة .. وقت أن كان عشاق ومريدو بلاط صاحبة الجلالة يدركون أنهم لن ينالوا رضاها الا إذا دفعوا الثمن .. وكان الثمن تعبا وعرقا ومضايقات وقيودا.. لا يعرفون الساعة البيولوجية للشخص العادي .. فلا يدركون الفرق بين ليل ولا نهار .. ولا وقت محدد للراحة او الأهل .. كل الوقت والجهد وايضا الحب لصاحبة الجلالة.. حتي في الإجازات لا تفارقنا معشوقتنا ابدا .. نظل نتتبع خطاها ونقتفي أثرها .. ونبحث عن أي شئ يمكن أن نرسله للجريدة .. فمن يوافق علي العمل بتلك المهنة المقدسة يتحمل مهرها أن تصبح دائما رقم واحد .. ويهون في عشقها كل غال الآن تحول المسمي الي « مهنة البحث عن الموت» .. فما بين شهيد هنا ومصاب هناك ومطارد ومطلوب ومرصود .. أصبح حال عشاق صاحبة الجلالة .. لا أناقش هنا من المسئول عن قنص الشهيد الحسيني أبو ضيف .. أو تغييب الشهيدة ميادة أشرف أو استهداف الزملاء أمام جامعة القاهرة أو تحطيم سياراتنا وكاميراتنا وإصابة زملائنا بعدة مواقع .. لكن فقط أريد أن أشدد علي اننا كصحفيين وإعلاميين مستهدفون ومطاردون .. أصبحنا نحتضن زملاءنا الذين ندفعهم للميادين والشوارع لتغطية الأحداث لأننا لا نضمن إذا كانوا سيعودون أم تصلهم الأيدي القذرة للمتربصين .. وكل يوم نسمع عن حالة اعتداء علي سيارة جريدة أو قناة .. لا ذنب سوي أنهم يقومون بعملهم .. وكلما اجتهد الصحفي أو الجريدة كلما زاد استهدافهما .. هكذا الحال حاليا في مصر .. لغة العنف والقتل هي سيد الموقف . ويظل السؤال الحائر .. لماذا نحن كصحفيين مستهدفون .. هل لأننا نكشف القتلة والفاسدين .. أم أننا وسيلة ورسالة لارهاب كل المصريين؟! لكن من يفعلون ذلك واهمون .. ولا يدركون أن دماء زملائنا لا تزيدنا الا إصرارا علي أداء رسالتنا .. لايعلمون أن متعة مهنتنا الكبري في متاعبها ومخاطرها حتي ولو وصلت للقتل والقنص .. أدعو هؤلاء القتلة أن يحضروا معنا الاجتماع اليومي للتحضير لعدد الجريدة ويرون تسابق شباب الأخبار علي النزول للشارع وتغطية الأحداث .. وحزن من لم يصبه الدور في اختيارات مجلس التحرير .. لأن ذلك معناه انه ليس كفءا للدرجة التي تجعله ينال ثقة الدفع به في أتون موت يترقبه .. وأثق أن هذا هو حال زملائنا في كل الصحف القومية والحزبية والمستقلة تبقي وقفة وتساؤل .. فهل حقا تقف الشرطة وراء قنص بعض الزملاء ؟ إذا كانت الإجابة نعم فتلك مصيبة وطامة كبري .. وإذا كانت لا فالمصيبة أكبر ..فلو كانت الشرطة تستهدف الزملاء فلماذا وماذا فعلوا لها كي تستهدفهم .. ام أن هناك ما تصر الشرطة علي اخفائه في مواجهتها المظاهرات والبلطجية .. إن هذا الأمر يثير علامات استفهام كثيرة حول موقف الشرطة من ثورتين عظيمتين سعت كل منهما لإنقاذ المصريين من الظلم والبغي .. ولعل أهم أسباب ما نحن فيه ممارسات بعض المنتمين للشرطة في عهد مبارك أما إذا كانت الإجابة أن الشرطة بريئة من دم زملائنا فهذا معناه أن بهوات الداخلية غير قادرين علي حمايتنا أو يروق لهم دمنا الذي يسال أو تتخذنا درعا وموتنا وسيلة لتحقيق أهداف لا نعلمها .. في كل الأحوال الصحفيون في خطر داهم .. وأعتقد ان تحرك نقابة الصحفيين جاء متأخرا ولكن ليس هذا وقت حساب داخلي إنما فرصة لتكاتف جموع الصحفيين ووحدتهم في وجه الخطر الذي لا يستهدف فقط حياتنا ومهنتنا فقط بل يهدف لتضليل وتغييب الأمة بأثرها.