أمينة الرستمانى تجسيد لتقدم المرأة فى الإمارات أثارت أمينة الرستماني علامات الدهشة والتعجب علي وجوه أصدقائها وأقاربها بدولة الإمارات العربية المتحدة حين بدأت حياتها المهنية في دبي قبل 13 عاما كمهندسة كهرباء لتصبح واحدة من قليلات في الشرق الأوسط اقتحمن هذا المجال. ومنحها نجاحها في مجال يهيمن عليه الرجال ثقة مكنتها من اعتلاء سلم المهنة وتخطي مزيد من الحواجز. أمينة حاليا المديرة التنفيذية لقطاع الإعلام بمؤسسة تيكوم للاستثمار إحدي شركات مجموعة يملكها حاكم دبي وتدير مجمعا يضم تسع مناطق أعمال وتقف في طليعة مطامح اقتصادية تصبو إليها الإمارة في تكنولوجيا المعلومات والعلوم والتعليم. حققت أمينة الرستماني ما لم يكن متصورا قبل ربع قرن إذ بلغت أعلي مستوي بقطاع الأعمال في بلد خليجي عربي علي نحو أبرز تحولا في مناخ الأعمال أتاح للمرأة الانضمام تدريجيا إلي مجالس الإدارات وتولي مناصب أخري ذات سطوة اقتصادية في المنطقة. قالت أمينة التي تحمل درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية من جامعة جورج واشنطن "هناك دائما هذا التحدي في أن تكون أهلا وأن تتميز لكن حالما تثبت كفاءتك ستحظي باحترام المجتمع." وتابعت كلامها قائلة "للحكومات دور وللقطاع الخاص دور وللأسرة دور لكن الأمر كله يتوقف علي ما يمكن للفرد أن يفعله." ورغم أن جلوس النساء علي مقعد إدارة الشركات لا يزال نادرا في الشرق الأوسط فإن تنامي الثروات وارتفاع مستويات تعليم النساء والجهود الحكومية للترويج للمساواة في فرص العمل ييسر علي المرأة كسر "السقف الزجاجي" أو التمييز ضد توليها مناصب تنفيذية عليا مستقبلا. شغلت المرأة 9.8 في المئة من مقاعد مجالس إدارات الشركات في العالم عام 2011 وهي أحدث بيانات متوافرة لدي شركة جي.إم.آي ريتينجز للأبحاث ومقرها الولاياتالمتحدة. لكنها في مجلس التعاون الخليجي المؤلف من ست دول لا تشغل أكثر من 1.5 في المئة من هذه المقاعد وفقا لبيانات معهد حوكمة ومقره دبي. غير أن الفجوة تضيق. فنسبة 1.5 في المئة "كانت صفرا تقريبا قبل عشر سنوات" حسبما قال شايلش داش الرئيس التنفيذي لشركة الماسة كابيتال في دبي. بوادر تغيير وعالم الأعمال بدولة الإمارات له في العادة طابع عالمي حسب المعايير الخليجية وذلك نظرا لانفتاح دبي. وفي ديسمبر 2012 اعتمد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس وزراء الإمارات وحاكم دبي قانونا يلزم كل الإدارات الحكومية والشركات المتصلة بها بتمثيل نسائي في مجالس إدارتها وإن كان لم يحدد موعدا مستهدفا لذا يري كثيرون أن الالتزام بالقانون سيكون تدريجيا. وخلال الشهر الماضي اظهرت دراسة نشرتها شركة جرانت ثورنتون الاستشارية أن المرأة تتولي 14 في المئة من المناصب الإدارية العليا بالإمارات. وأشارت الدراسة إلي أن النسبة أقل من المتوسط العالمي البالغ 24 في المئة لكنها أعلي من نسبة تسعة في المئة في اليابان وعشرة في المئة في هولندا و13 في المئة في سويسرا. أما السعودية -أكبر اقتصاد بالخليج- فتأتي في مرتبة تالية نظرا للتقاليد المحافظة هناك.. فالمرأة السعودية تحتاج لإذن ولي الأمر قبل السفر للخارج أو فتح حساب مصرفي، وهناك فصل بين الجنسين في كثير من الشركات والإدارات الحكومية. لكن هناك بوادر تغيير.. . ففي الشهر الماضي أعلنت مؤسسة الأهلي المالية التابعة لأكبر بنك في السعودية عن تعيين سارة السحيمي رئيسا تنفيذيا لتصبح أول سيدة ترأس مصرفا استثماريا في المملكة. وكانت سارة السحيمي تشغل من قبل منصب رئيس إدارة المحافظ في جدوي للاستثمار بالسعودية. أما سيدة الأعمال السعودية المعروفة لبني العليان الرئيسة التنفيذية لشركة العليان المالية التي أسسها والدها في الرياض فقد ورد اسمها في قائمة مجلة فورتشن لأكثر النساء نفوذا في قطاع الأعمال لعام 2013 والتي ضمت 50 اسما وهي قائمة هيمنت عليها نساء أمريكيات. ودعت لبني العليان رؤساء الشركات في الدول العربية إلي توظيف النساء وقالت إن المنطقة بحاجة للتطوير. سياسة التعليم النمو الاقتصادي في الخليج أحد العوامل التي تدفع للتغيير قدرت الماسة كابيتال ثروات نساء الشرق الأوسط ككل بنحو 690 مليار دولار في عام 2012 بعد نموها بمعدل ثمانية في المئة في المتوسط سنويا خلال الأعوام السابقة وهو معدل أسرع قليلا من الزيادة في معدل ثراء الرجال. وقال شايش داش الرئيس التنفيذي للماسة كابيتال "ثروة النساء هنا ربما تصل إلي 930 مليار دولار بحلول عام 2017." وأضاف "بدأنا نري المستثمرات يضطلعن بمسؤوليات أكبر ويشاركن أكثر في صنع القرار ويكتسبن معرفة أكبر." وأقامت بعض البنوك مثل بنك دبي الإسلامي ومصرف الإمارات الإسلامي فروعا للنساء فقط بهدف زيادة القدرة علي المنافسة في أسواق خدمة الأفراد المصرفية المكتظة في البلاد وهو ما يتيح فرص عمل للنساء وتولي مناصب عليا. لكن فرص جلوس المرأة علي المقاعد الإدارية العليا مازالت ضعيفة. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي إلي أن المرأة تمثل نصف القوة العاملة علي مستوي العالم لكن النسبة تنخفض إلي حوالي 20 في المئة في الشرق الأوسط. غير أن السياسات الحكومية تشجع مزيدا من النساء علي العمل إذ أن دولا مثل السعودية والإمارات استثمرت مليارات الدولارات في تحسين أنظمة تعليم المرأة. وفي السعودية تروج وزارة العمل وبعض أفراد الأسرة الحاكمة لفكرة عمل المرأة كوسيلة لتخفيف التوترات الاجتماعية الناجم عن ارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين. وقالت الأميرة أميرة الطويل الرئيسة التنفيذية لشركة تايم إنترتاينمنت ومقرها السعودية "ما يحدث في السعودية بوجه خاص وبمنطقة مجلس التعاون الخليجي بوجه عام تطور اجتماعي واقتصادي حقيقي تلعب فيه المرأة دورا أكبر في قطاع الأعمال والمال والإعلام وكثير من القطاعات الأخري." وتسافر آلاف الشابات السعوديات للخارج كل عام للدراسة بجامعات أمريكية وأوروبية كبري علي نفقة الحكومة السعودية. ولدي عودتهن لأرض الوطن يكن أقل ميلا من الأجيال السابقة لقبول العيش خارج قوة العمل. ومن ناحية أخري يدفع النمو الاقتصادي دول الخليج لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن النفط وتطوير قطاعات الخدمات الواسعة مما يتيح مزيدا من فرص العمل للنساء خارج القطاع النفطي الذي يهيمن عليه الرجال. شوط طويل ومن بين القيادات النسائية في قطاع الأعمال بالمنطقة شيخة البحر الرئيسة التنفيذية لبنك الكويت الوطني وسعاد الحميضي رئيسة مجموعة شركات الحميضي. وأمام دول الخليج شوط طويل يجب أن تقطعه قبل أن تصل إلي حصص تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات في دول مثل النرويج رائدة هذا المجال والتي تفرض الآن تمثيلا نسائيا بنسبة 40 في المئة علي الأقل في مجالس الإدارة. وربما كان القانون الإماراتي الذي يطالب بتمثيل نسائي في مجالس إدارات الشركات مجرد مؤشر علي النوايا في الوقت الحالي لكنه يدل علي تزايد وعي قطاع الأعمال الخليجي بأهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه العنصر النسائي في وقت تسعي فيه الشركات لتخطي حدودها المحلية. وقال الشيخ محمد بن راشد لدي اعتماد القانون الجديد "وجود المرأة في هذه المجالس سيعطي قرارات هذه المؤسسات وخططها مزيدا من التوازن. فالمرأة تعمل في هذه المؤسسات والمرأة أيضا تمثل جزءا مهما من متعاملي وجمهور هذه المؤسسات. فلا بد أن يكون لها تمثيل في اتخاذ القرار." وتابع "المرأة لدينا في دولة الإمارات أثبتت كفاءتها بقوة في مختلف مواقع العمل. واليوم نعطيها دفعة جديدة لتكون في مراكز اتخاذ القرار في جميع المؤسسات والهيئات الحكومية." وتري أمينة الرستماني أن تغير الاتجاه كان ينبغي أن يبدأ منذ فترة. وقالت "المرأة تضيف اتساعا وتوازنا لجميع الشركات علي جميع المستويات، "فهي تبرع تحت الضغط ويمكنها القيام بمهام متعددة. وأعتقد أن بإمكانها إذا نالت القدر الكافي من التعليم وأتيحت لها الفرصة المناسبة أن تضطلع بدور قيادي مؤثر وأن تكون نموذجا يحتذي."