د. محمود عطية ربما أبناء المدينة لم يعرفوا الحياة القبلية فيصعب عليهم تصديق ما يحدث بين القبيلتين بأسوان.. ولم يستوعبوا ما قيل علي لسان احد المسئولين بأن ما يجري هو صراع قبلي لاشأن لنا به ولا يمكن فضه بغير تدخل عقلاء وكبار رجال القبيلة..ربما يفسر ذلك لنا تحول ليبيا الثورة الي جزر منعزلة لا تسيطر عليها الدولة..وليبيا ذات نظام قبلي لم يجهد القذافي نفسه في تحديثها وتحويلها من قبائل متناثرة إلي دولة وطنية حديثة.. رغم انه كان يعتبر نظام القبيلة من مخلفات العهد الملكي الرجعي .. لكنه احتفظ وعمل علي بقاء النظام العشائري القبلي للاستفادة منه في تعضيد حكمه..فيلجأ إلي قبيلته حين يمر نظامه بأزمة ثقة ثم إلي سياسة إثارة العداوات بين القبائل التي لا تظهر ولاء له وهذا ما حدث حين سعي القذافي إلي تحويل مسار الثورة الليبية إلي حرب أهلية وأعتقد أنه نجح في ذلك. وهذا بالضبط ما عمل عليه نظام الإسلام السياسي عندنا اي الاستفادة من تجذر الفكر القبلي بمداعبة فكرة الخلافة الإسلاميةوهي استعادة دور القبيلة في مقابل الدولة الوطنية.. فهم يرون انتماء المسلمين في شتي بقاع الأرض عبارة عن قبيلة ضخمة تتخطي حدود الدولة الوطنية وجغرافيتها. ومقياس الاسلام السياسي العشيرة وليس الفرد..هذا الفرد يفضل أخوته الإسلاميين علي أبناء جلدته من أبناء الوطن الذين ينتمون إلي طوائف أو تيارات أخري، فترجح كفة مفهوم ثقافة القبيلة علي ثقافة الدولة..وللأسف لم تطور المجتمعات العربية أبنيتها وتواكب التطور الطبيعي للمجتمعات الحديثة وبقي نظام القبيلة في اغلب بلداننا ولا مكان لدينا لفكرة الوطن ولا حتي القانون. الان ليس لدينا سوي العمل الشاق علي تحديث وتمدين بلادنا خاصة مناطقنا الحدودية وهو فرض عين بعدما شاهدنا معظم النار من الانتماء للقبيلة ولن تجدي حلول بغير تحديث هذه المناطق حتي نكون افراداً في وطن حر يحترم القانون ولا سلاح إلا في يد جنده وننتقل من القبيلة للوطن..!