مرة اخري اعود للتساؤل: كيف نشأت حركة التحرير الاسلامي في قطاع غزة وما خفايا علاقتها مع اسرائيل؟ كان اسحق رابين وراء نشأة الحركة حينما كانت القوات الاسرائيلية تحتل القطاع.. وكان هدفه ان يكون التيار الاسلامي منافسا لمنظمة التحرير ولكي يواجه حركة فتح وياسر عرفات. وقام جهاز «الشين بيت» المخابرات الاسرائيلية الداخلية بدعم الحركة بالمال والسلاح في غزة حيث كان معقل مؤسسها الشيخ احمد ياسين.. وكانت الحركة فرعا من الاخوان المسلمين في الاردن حيث كانت قيادتها، وبدأت تنتشر تحت مظلة الدعوة، وحينما حدثت الانتفاضة الاولي حاولت حماس الاستيلاء عليها واستغلالها لصالح تقوية نفوذها في القطاع.. ولذلك ارسل عرفات أبوجهاد «خليل الوزير» سرا إلي غزة بينما كان مقر المنظمة في تونس «في المنفي» بعد خروجه من بيروت، لكي ينظم الانتفاضة ويتولي الاشراف عليها وكان الهدف الا تنفرد حماس بالساحة في غياب المنظمة. وقال لي عرفات وقتها: ان الحركة تتلقي الدعم من اسحق رابين وزير الدفاع الاسرائيلي والهدف شق الصف الفلسطيني واضعاف منظمة التحرير ولذلك يسعون إلي كسب ارضية «في الضفة وغزة» ومواجهة حركة فتح، وكانت حماس تريد ان تتحول الانتفاضة بالحجارة إلي مواجهة بالسلاح مع الاسرائيليين واشعال الموقف وجهود عرفات للتسوية السلمية تجنبا لاراقة الدماء علي ايدي الاحتلال.. ولكن الواقع ان الحركة لا تؤمن بالكفاح المسلح مثل الحزب الشيوعي لانها لا تريد الصدام مع «الشين بيت» ولكن حدث ان عناصر من حماس قاموا بعمليات عسكرية عندما اعتقل الشيخ احمد ياسين وتوقفوا بعد اختطاف الجندي الاسرائيلي.. ووقتها في اجتماع الخرطوم تم التوصل إلي صيغة ملائمة لتسوية الخلاف «في عام 92» بين فتح وحماس! كان هناك خلاف حاد بين عرفات والشيخ ياسين وكانت حماس تسعي بالاتفاق مع اسرائيل لكي تكون بديلا لحركة فتح في القطاع وكان عرفات نفسه هو الذي اعلن هذه العلاقة المشبوهة بين حماس واسرائيل «في عام 98» وكشف دورها وراء ستار الدين.. وانتهز قادة حماس المتطرفون مشعل وهنية والزهار فرصة مقتل الشيخ ياسين في غارة اسرائيلية علي غزة وانتهزوا فرصة الحصار علي عرفات في رام الله بأمر شارون لكي يحكموا سيطرتهم علي قطاع غزة بعد انسحاب القوات الاسرائيلية «بواسطة كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس» وحصلوا علي السلاح من اسرائيل لمواجهة حركة فتح وحدث اختراق من ايران بالمال والسلاح ايضا. وقامت حماس بالتخطيط للانقلاب الدموي في غزة واستطاعت السيطرة علي القطاع بعد تولي محمود عباس «أبومازن» ووضعت يدها علي كل المقار الحكومية والامنية وطردت عناصر السلطة إلي الضفة الغربية وقامت عناصر القسام باحكام سيطرتها تحت مظلة حكومة اسماعيل هنية.. ووقتها قام هنية بجولة استجداء من ايرانوقطر وعاد بعشرين مليون دولارا! وبينما كان خالد مشعل يوطد اركان الحركة من دمشق حيث كانت اقامته وترك إدارة قطاع غزة لاسماعيل هنية وبدأت جذور الخلاف مع مصر لانها كانت تضع ضوابط حول فتح معبر رفح طبقا للاتفاقية الدولية وبينما كانت حماس تريد ان يبقي المعبر مفتوحا طوال الوقت لعمليات التهريب بعد الحسار الاسرائيلي علي غزة! *** وبعدها قامت اسرائيل بالهجوم البري الكاسح «علي غزة» عندما بدأت حماس «كتائب عزالدين القسام» في اطلاق الصواريخ من القطاع علي المدن الاسرائيلية في الجنوب ولم تتوقف الا بعد تدخل مصر.. ولكن حكومة نتنياهو قامت بفرض الحصار الكامل لتجويع الغزاويين ولم يبقي غير معبر رفح مفتوحا لنقل الاغذية والمساعدات الانسانية والخروج والدخول إلي القطاع.. وفي ذات الوقت بذلت مصر جهودا مضنية للمصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس حتي يمكن التفاوض بعد ذلك بين اسرائيل والفلسطينيين ولكن ظهرت المراوغات من جانب حماس وقالت المخابرات المصرية في عهد عمر سليمان باستمرار المفاوضات بصبر طويل، وكلما تم الاتفاق علي عقبة اقامت حماس عقبة اخري قبل توقيع اتفاق المصالحة وكانت قطر تشجعها علي ذلك مقابل الاموال التي ترسلها لها.. وأخذت حماس في حفر الأنفاق علي خط الحدود في رفح وذلك للقيام بتهريب الأسلحة والمخدرات والسلع وأقامت خزانات للوقود والسولار تحت الأرض لكي يباع في غزة بأضعاف ثمنه في مصر ونشطت عصابات التهريب التابعة لحماس في السنوات الأخيرة وزاد عدد الأنفاق إلي المئات وصارت تجارة رائجة بالملايين وكانت السلطات الأمنية المصرية تغمض عينها حتي لا تتهم بأنها تساعد إسرائيل علي تجويع الشعب الفلسطيني في القطاع بسبب الحصار.. ولكن حماس استغلت ذلك -بعد 25 يناير- بالتنسيق مع الإخوان لتهريب العناصر المطلوبة أمنيا إلي القطاع وصارت غزة ملاذا آمنا للجماعات التكفيرية التي تقوم بالهجمات الإرهابية علي القوات المصرية ومراكز الشرطة في العريش والشيخ زويد للسيطرة علي خط الساحل الشمالي وإقامة إمارة إسلامية وذلك في إطار المخطط القديم لتوطين الفلسطينيين في سيناء وضم جزء من الحدود المصرية إلي «غزة الكبري».. وحسب مقولة اسحق رابين: ستوجد ظروف في السنوات العشرين التالية من شأنها دفع اللاجئين الفلسطينيين إلي هجرة طبيعية وطوعية من قطاع غزة! وهكذا تعمل حماس في إطار المخطط الاسرائيلي وخاصة عندما وصل الإخوان إلي الحكم في مصر.. وحدث نوع من التفاهم بين الرئيس محمد مرسي «المخلوع» وبين خالد مشعل خلال زياراته للقاهرة علي ذلك لتنفيذ المخطط الامريكي الموضوع علي حساب شمال سيناء.. وهو يعود إلي عام 1955 عندما ظهرت خطة جونستون لتوطين الفلسطينيين في سيناء والتي رفضها الشعب الفلسطيني نفسه..! وقد كادت الهدنة بين حماس واسرائيل أن تنهار مؤخرا عندما عادت كتائب عز الدين القاسم إلي اطلاق الصواريخ من قطاع غزة علي جنوب اسرائيل لولا تدخل مصر لتثبيت الهدنة مرة أخري بعد اطلاق ثلاثين صاروخا وذلك حرصاعلي أهالي غزة من هجوم اسرائيلي كاسح.. وقامت مصر بذلك رغم ما تقوم به حماس -بتمويل من قطر- ضد أمنها!