«ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» صدق الله العظيم. إن الاحتفال بيوم الشهيد ينبع من تجسيد قيم الوفاء للمقاتل المصري الذي ضحي من اجل الوطن إيمانا بالولاء والانتماء للوطن. وفي العصر الحديث دخلت مصر عدة حروب اعتبارا من 1948م مرورا بحرب 1956 وحرب التحرير باليمن وحرب 1967 وحرب الاستنزاف وحرب التحرير في اكتوبر 73 وقد استشهد في هذه الحروب المتتالية ابطالا بذلوا أرواحهم فداء للوطن وعلي رأس هؤلاء الشهداء. الفريق أول.. عبدالمنعم رياض إن موكب الشهداء في المعارك المختلفة التي خاضتها القوات المسلحة ممثلا في الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض رمزا لشهداء تلك المعارك وكمناسبة قومية تحتفل فيها مصر بذكري اليوم الذي استشهد فيه يوم 9 مارس من كل عام. لقد كان أول قرار للرئيس جمال عبدالناصر بعد النكسة 1967 يوم 11 يونية هو قرار جمهوري بتعيين الفريق عبدالمنعم رياض رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة.. وبدأ التخطيط للحرب وإعادة بناء القوات المسلحة عقب 5 يونية 67 بجهد اسطوري سوف يذكره التاريخ بالفخر والاعزاز للاجيال القادمة. وقد رأي الفريق عبدالمنعم رياض نتائج الجهود وإرادة القتال للجندي المصري في معركة رأس العش يوم 30 يونية 67 وعاش المعركة البحرية وتدمير المدمرة الاسرائيلية إيلات والضربات الجوية الناجحة لقواتنا الجوية يومي 14و15 يولية. ومع أول ضوء يوم 8 مارس 68 بدأت قواتنا اهم مراحل حرب الاستنزاف بدءا بالقصف المدفعي وحشد جميع الاعيرة وجميع انواع الذخائر ضد مواقع العدو وتحصيناته شرق قناة السويس. ولم يكن غريبا علي الفريق عبدالمنعم رياض تواجده السريع علي الحد الامامي للجبهة مقدما مثلا رائعا لكل القادة علي جميع المستويات وهو ما كشفته بعد ذلك حرب اكتوبر 73 تلاحم القادة علي جميع المستويات مع ضباطهم وجنودهم واستمرت المعارك يوم 3/9 بالمدفعية والقوات الجوية اكثر من 5 ساعات واصر الفريق عبدالمنعم رياض ان يكون علي الحد الامامي مع الضباط والجنود برغم تحذيرات بعض القادة خاصة ان مركز الملاحظة كان علي مسافة 200 متر من العدو «داخل مرمي الاسلحة الصغيرة» وانتقل الفريق عبدالمنعم رياض الي موقع اخر «نمرة 6 بالاسماعيلية» وفجأة انهالت قصفات المدفعية علي مركز الملاحظة بعد وصوله ب15 دقيقة «اسلحة رمي مباشرة دبابات» وكان بجانبه قائد الجيش الثاني اللواء عدلي السعيد ومدير مدفعية القوات المسلحة اللواء عبدالتواب هديب. وفي الساعة الرابعة مساء اصابت قذيفة مباشرة مركز الملاحظة واستشهد الفريق عبدالمنعم رياض.. فارس الشهداء. إن عبدالمنعم رياض هو الجنرال الوحيد في تاريخ العسكرية الحديثة الذي سقط ببسالة الفرسان وبينه وبين مواقع العدو أقل من 250 مترا. تخرج الشهيد عبدالمنعم رياض في الكلية الحربية عام 1938 مع دفعة الرئيس جمال عبدالناصر «ثاني الدفعة» وحصل علي ماجستير العلوم العسكرية عام 1944 بترتيب الأول.. واتم دراسته في المدفعية المضادة للطائرات.. واشترك في حرب 1948 وحصل علي نوط الجدارة الذهبي. وبعد ثورة 23 يولية 53 تدرج في المناصب القيادية قائد لمدرسة المدفعية المضادة للطائرات ثم قائد للواء الأول المضاد للطائرات وفي يوليو 1954 عين قائد للدفاع المضاد للطائرات.. وقد اتم دراسته في الاتحاد السوفيتي عام 59/58 وحصل علي تقدير امتياز وجاء ترتيبه الأول واطلق عليه اساتذة الاكاديمية السوفيتية لقب الجنرال الذهبي. ان موكب الشهداء ممثلا في شخصية الشهيد عبدالمنعم رياض رمزا لشهداء المعارك المختلفة وكان استشهاده علي خط الجبهة الامامي في مواجهة مباشرة للعدو من المواقف الرائدة في حياة الشعب المصري. ان كل ما كتب وما سوف يكتب عن عبدالمنعم رياض لا يوافيه حقه فهو مثل يحتذي به وقدوة في جميع المجالات.. ثقافة.. ذكاء.. علما. خلقا وأداء للواجب وقوة شخصيته علاوة علي الضبط والربط الذاتي ودماثة في الخلق.. وصراحة في الحق وإنكار للذات. وهذه ليست كلماتي.. وإنما هو ملخص لما كتبه قادة مختلفون عن فارس الشهداء اثناء خدمته العسكرية في القوات المسلحة. وفي النهاية لقد أكد هذا الحدث ان قدرة مصر علي إنجاب الابطال مستمرة عبر الزمان.