الكاتبة الكندية "أليس مونرو" الحائزة علي جائزة نوبل في الآداب العام الماضي نموذج حي لمثابرة الكاتب علي موهبته فالجائزة منحت لها وهي في الثانية والثمانين من العمر وقبلها جاءتها جائزة "مان بوكر"البريطانية عام 2009. بالإضافة لكثير من الجوائز المحلية والعالمية، ومشوارها الأدبي لم يكن سهلا فقد رفض الناشرون أعمالها ولم يمنعها هذا من مواصلة الكتابة لتحقق ماتصبو اليه من التعبير عن حيوات نساء ورجال بكل مافيها من آلامهم وامالهم وعشقهم واحباطاتهم، كتابة أدبية صادقة تجعل القاريء يري نفسه في مرآة "أليس مونرو"لذا جاء صدور الترجمة العربية لمجموعتها "العاشق المسافر"للدكتور احمد الشيمي والتي صدرت مؤخرا عن هيئة قصور الثقافة حدثا مهما لابد من الالتفات اليه لنعرف المزيد عن كاتبة نجحت في ان تضطر لجنة تحكيم نوبل لمنحها الجائزة عن القصة القصيرة بعد سنوات طويلة من تجاهل هذا النوع والاهتمام بالرواية التي طغت علي كل ألوان الأدب في السنوات الأخيرة."اليس مونرو. كما وصفتها جريدة "الصنداي تايمز" اللندنية انها أحد اثنين أو ثلاثة كتاب يعدون من أفضل من أنجب العالم في مجال السرد في الوقت الراهن. قصة العاشق المسافر الرائعة تصف قصة حب غاية في الرومانسية والرقة تنشأ بين امينة مكتبة واحد المترددين علي المكتبة، قصة الحب هذه تنشأ عبر رسائل مكتوبة بعد مضي سنوات علي اللقاء داخل المكتبة دون أن يلتفت احدهما للآخر ومن خلال الرسائل يتذكر كل منهما هذا اللقاء لتبدأ مشاعر حب تنمو بينهما وهما علي البعد هو في بلدة يقضي مدة الخدمة العسكرية وهي تعيش حياتها وحيدة وتزداد مشاعرهما رغما عن مفاجأة قاسية تنتظر الحبيبة.ومن خلال أربعة عشرة قصة تغوص بنا "أليس مونرو"في حياة إنسانية جميلة تشدنا لعالم المشاعر الدافئة التي فقدها الكثير مع ضغوط حياتنا المستمرة. عُرفت اليس مونرو بجوها القصصي النابع من الحياة الريفية الكندية وبنزعتها الواقعية النفسية مما دفع بعض النقاد لتشبيهها بالكاتب الروسي "انطون تشيخوف"، رغم الاختلاف بينهما ؛ فشخصيات مونرو هي نسائية غالباً، كتومة وشبه منطوية علي نفسها، وتسعي الي إخفاء جمالها الجسدي وتعابيرها الحسية. وهذا ربما ما حملته الكاتبة معها من البيئة المحافظة والصارمة التي عاشت فيها طفولتها. ويقول الكاتب والناقد ديفيد هوميل عنها: »انها تكتب عن النساء ومن اجل النساء لكنها لا تحمّل الرجال وزر كل الشرور«. ويضيف: »ليست مونرو امرأة مجتمع فهي نادراً ما تشارك في مناسبات عامة«. إلا أن هذا الطبع لم يعن أن الكاتبة لم تحيَ حياة حرة وصاخبة في صباها لا سيما عندما جذبتها حركة التحرر الهبية. ولدت الكاتبة في 1931 في وينغهام، غرب مقاطعة انتاريو وعرفت عن كثب المجتمع الريفي . وما ان بلغت سن المراهقة حتي قررت ان تصبح كاتبة، ولم تخن قرارها هذا علي رغم مما واجهته من صعاب في مطلع مسارها. وهي قالت قبل سنوات: »ليس لدي أي موهبة أخري فأنا لست مثقفة ولا اتدبر اموري جيداً في ما يخص شؤون المنزل. لذا لا شيء يعكر ما اقوم به ونشرت اولي قصصها عام 1950 بعنوان "رقصة الظلال السعيدة"وكانت وقتها طالبة جامعية واختارت نفس العنوان لأولي مجموعاتها القصصية والتي صدرت عام 1968.. وكانت في السابعة والثلاثين من عمرها، وهو مايؤكد انه ليس هناك وقت متأخر للكتابة الإبداعية . سرعان ما حازت المجموعة علي اجائزة الحاكم العام« وهي من أرقي الجوائز الكندية. في العام 2009 واجهت مونرو مرض السرطان بجرأة وانتصرت عليه، وهو المرض الذي يصيب إحدي بطلات قصة لها نشرت في مجلة انيويوركرب قبل عام. الطريف ان الكاتبة وجدت في القراءة والكتابة وسيلة هروب من حياتها المملة "ربة منزل"، ولم تكن تدري انه لولا هذا الهروب لما وجدت طريقها للشهرة والإبداع والنجاح.