بلا شك ان فشل المفاوضات المصرية مع إثيوبيا حول سد النهضة وراءه أيدي خفية تسعي لضرب العمق المصري الإستراتيجي في مقتل،بناء سد اثيوبيا يهدد بانخفاض حصة مصر من مياه النيل والتي تبلغ حاليا 55٫5 مليار متر مكعب، وبالتالي تنخفض كميات الكهرباء المولدة من السد العالي، وتزداد معاناة مصر من الفقر المائي. ولو فتشنا عن المستفيد الأول من فشل المفاوضات لوجدنا ان إسرائيل هي المستفيد الأول،فالحصول علي مياه النيل هو دافعها الأول منذ تقدم"هرتزل"مؤسس الحركة الصهيونية "الي الحكومة البريطانية بتحويل جزء من مياه النيل الي صحراء النقب عبر سيناء بحجة ان هناك فائضا من مياه النيل يفيض عن حاجة مصر ويصب في البحر المتوسط دون إستخدامه في الزراعة،كان هذا عام 1903،وقد ظلت هذه الفكرة مرتبطة بالمراحل التاريخية للصراع العربي - الإسرائيلي، ففي أعقاب الانتصار الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973، وما أعقبه من الحديث عن السلام، طرحت إسرائيل في منتصف السبعينيات رغبتها في الحصول علي 10٪ من إيراد نهر النيل وهو ما يمثل (8 مليارات م3) لحل مشكلة المياه في "إسرائيل". في حين اقترح رئيس جامعة تل أبيب "حاييم بن شاهار" بأن تسعي "إسرائيل" إلي إقناع مصر بضرورة منحها حصة من مياه النيل لا تتجاوز نسبة (1٪) تُنقل بواسطة أنابيب بهدف استخدامها في مشاريع التنمية الزراعية داخل قطاع غزة وخارجها. كما اقترح بعض خبراء المياه من الإسرائيليين أن تمد مصر قطاع غزة بما يعادل (100 مليون م3) سنويا من المياه، وهي نسبة تُعادل (0٫2٪) من استهلاك مصر من المياه، لما كان الفشل هو مصير جميع المشروعات التي طرحتها إسرائيل للحصول علي قدر من مياه النيل، ، فإن التفكير الإسرائيلي لتحقيق هذا الهدف بدأ يتخذ أكثر من استراتيجية التفافية متعددة الوسائل والجوانب (سياسية، قانونية، اقتصادية، تجارية، عسكرية- أمنية)، وذلك من أجل توسيع التغلغل واحكام السيطرة علي دول المنبع بشكل يسهل الضغط علي دول المصب "مصر والسودان" والرضوخ في النهاية بما تطالب به إسرائيل. فالسياسة الإسرائيلية تهدف بالأساس من وراء التغلغل في دولتي حوض النيل لتهديد الأمن المصري والعربي، وذلك من خلال زيادة نفوذ إسرائيل السياسي في الدول المتحكمة في مياه النيل من منابعه، مع التركيز علي إقامة مشروعات زراعية تعتمد علي سحب المياه من بحيرة فيكتوريا. وتعتمد إسرائيل لتحقيق ذلك علي سياسية إثارة الخلافات والمشاكل والخلافات السياسية بين الأقطار العربية النيلية (مصر والسودان) ونظيرتها الأفريقية، ومحاولة اقناع دول المنبع بوجود ظلم واقع عليها نتيجة الإسراف العربي في موارد المياه؛ ثم تقوم بتقديم الدعم الاقتصادي والدبلوماسي لتلك الدول. وتساعدها في ذلك الدور الأمريكي الرامي لدعم وتأييد زعماء جدد في دول حوض النيل وهم زعماء أوغندا ورواندا وأثيوبيا وإريتريا والكونغو الديمقراطية وكينيا وتنزانيا والجيش الشعبي لتحرير السودان، من أجل ضمان الولاء للسياسات الأمريكية والإسرائيلية مستقبلا لاسيما المتعلقة بمياه النيل. وبشكل عام تحاول إسرائيل من خلال تهديد الأمن المائي لمصر والسودان، توسيع معركتها مع العالم العربي إلي خارج الحدود الضيقة، وذلك بهدف التخفيف من عبء جبهة المواجهة المباشرة مع إسرائيل من جانب، والعمل علي اضعاف الدول العربية الكبري مثل مصر بشكل غير مباشر من جانب آخر. لذلك فإن التحرك المصري السريع والقوي لوأد هذه المخططات الإسرائيلية ضرورة قصوي وحتي لا نبكي بعد ذلك علي اللبن المسكوب. وداعا سلوي جاد فقدت الصحافة الفنية مؤخرا الزميلة العزيزة سلوي جاد بعد نشاط متواصل في تغطية النشاط المسرحي المصري والعربي وقد جمعتني مع سلوي زمالة طويلة لمست فيها حبها للعمل وللمؤسسة التي اخلصت لها طوال مشوارها العملي،رحم الله سلوي الإنسانة التي كانت تخفي قلبا حنونا لم يعرفه سوي المقربين.