في ذكري ميلاد عبدالحليم حافظ تتزاحم الذكريات في ذهني واصبح في حيرة أيهما اختار للنشر والتعليق وربما افضل ان اكتب عن هذا الحدث الذي عشته لانه يضم اثنين من كبار المطربين هما عبدالحليم وهاني شاكر. ففي أمسيات أحد الأيام اتصل بي عبدالحليم وسألني ان اصحبه في مشوار معين لكنه مهم فاجبته انا تحت امرك وعندما جلست الي جواره وهو خلف عجلة القيادة اندهشت بشدة من امرين.. أولهما حالة »التخفي« التي كان عليها فقد ارتدي نظارة سوداء كبيرة وثانيها حرصه علي قيادة السيارة بنفسه.. فقلت له: واضح ان هذا المشوار سري أيضاً!.. فهز رأسه قائلا: تستطيع ان تعتبره كذلك.. ثم استطرد: »احنا رايحين نشوف المطرب الجديد اللي قالوا عليه أنه هيقعد عبدالحليم في بيته«! فاجبت بسرعة: هاني شاكر. فقال ساخرا: الله انت معاهم بقي! قلت: أنت عارف كويس ان مفيش حد هيقعدك في البيت وعارف طبعا رأيي فيك. . فأجاب: أنا بهزر.. اضاف وكنا قد وصلنا إلي نادي الجزيرة.. دلوقت هنقابل واحد ع الباب هيدخلنا للحفل من السلم الخلفي لملعب التنس وسنجلس بعيدا في هدوء - من غيرشوشرة.. ولن يلمحنا احد. ودخلنا لنجد هاني يغني وسط جمهور كبير وكانت فرصتي أن أشاهد حليم وهو يتابع المنافس الجديد له.. وهي فرصة لا اعتقد انها اتيحت لاحد غيري وانشغلت انا بمتابعة ملامح وجه عبد الحليم وهي تتبدل بين الاستحسان والاستهجان واستمر الوضع هكذا ولمحت حليم يصفق لهاني.. ثم نظر حليم الي وربت علي كتفي وقال: ياللابينا.. فانسحبنا في هدوء دون أن يشعر بنا احد. وفي السيارة سألته عن رأيه فقال: ده بيقلدني ايه الجديد.. طب ما انا موجود!!لكن شاء القدر ان يرحل حليم بعد سنوات قليلة فتزداد انطلاقة هاني شاكر وتخلو له الساحة وينفتح الطريق امامه دون منافس قوي. وفي الحقيقة فقد كان هاني يملك موهبة وحضورا.. واستطاع ان يجذب اليه كثيرا من جمهور عبدالحليم.. وقد عمد في البداية الي تقليده ربما تأثرا به باعتبار عبدالحليم كان يمثل الصوت والموهبة والحضور والجماهيرية الكبيرة.. لكنه تخلص نسبيا من هذا التأثير الذي يظهر احيانا حين يعيد تقديم بعض اغنيات حليم.. وفي الغالب فإن المقارنة بين حليم وهاني لاتجوز فكل منهما حالة مختلفة كما ان عبدالحليم كان محاطا بمجموعة من الادباء والمثقفين وكبار الصحفيين الذين اخذوا بيده وتعلم منهم الكثير وهو ما لم يتح لهاني .