د. عىد بن مسعود الجهنى الحديث عن الأمن القومي العربي ذو شجون يحتاج إلي مؤلفات لا إلي مقال بمساحة محدودة، هذا لأن الأمن القومي يعني في احد مفاهيمه (القوة) والقوة تتجلي في هذا المضمون كحركة تاريخية عميقة الجذور، متنامية مستمرة.. ترتبط في كل الحالات بالسلم والحرب علي جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية . ولذا فان كل دولة تسعي لبلوغ ناصية القوة من خلال بناء استراتيجية عامة للدولة لحماية سيادتها وأمنها القومي الذي أصبح الشغل الشاغل للأمم والدول علي مر العصور والأزمان، و(القوة) هي المقصودة بتعريف الأمن القومي بأنه القدرة علي توفير اكبر قدر من الحماية والاستقرار للدولة وسيادتها وحمايتها ومواطنيها من التهديدات الداخلية والخارجية. حلم القوة وعزة العرب وهموم الأمة.. وحالتها وضعفها وخوارها وانكسار شوكتها في عصرنا الذي نعيشه يؤرق نفس كل عربي ذو ضمير حي، فالعرب كبوا كبوة ثم غفوا غفلة تستوجب من كل صاحب فكر ان يحاول إيقاظهم واستنهاضهم للوقوف من كبوتهم، فالكل يدلي بدلوه لعل حالنا كأمة كانت تسود واليوم تقاد تتغير وتتبدل، ومن هذه المساهمات الطيبة برنامج (نبض اليوم) في قناة سي ان بي سي العربية الذي يعده ويقدمه الإعلامي العربي المتميز الأستاذ محمد عبد الرحمن الذي امطرني والخبير الاستراتيجي اللواء نصر سالم بأسئلة متعددة الأحد الماضي عن حال العرب وأمنهم القومي، باعتبار السعودية ومصر هما حلم وأمن العرب بعد ان تكالبت علينا الأمم كما تتكالب الأكلة علي قصعتها وقسمت معظم ديارنا لتمتلئ الصدور قيحاً والقلوب غيظاً والنفوس حزناً. وهذا يؤكده الواقع المعاش رغم ان الدول العربية (22) دولة، سكانها كسروا حاجز (300) مليون نسمة ، وميزانية جيوشها تقدر بحوالي (110) مليار دولار وعدد جنودها حوالي (3) ملايين جندي، ومن يقرأ هذه الأرقام يذهب به التفكير ان العرب يشكلون قوة كبري في عددها وفي حجم ميزانيتها وبذا يمكنها ان تحسم أي صراع مسلح يستهدف أمنها القومي لصالحها. لكن ما ان ينتهي القاريء الكريم من الإتيان علي هذه الأرقام الكبيرة الا وتبادره حقيقة أمرُّ من (العلقم) فالواقع المعاش ان هذه الصورة المثالية سرعان ما تذهب مع الريح، فالجيوش العربية (الجرارة) لا تشكل في علم الاستراتيجية العسكرية (قوة) رادعة هذا لانها جيوش في حقيقة أمرها هي لحماية الأمن القومي الوطني ولا تتعداه مثلا الي الأمن القومي الإقليمي. اليوم أمننا القومي العربي يواجه خطرا محققا، العراق واجهتنا الشرقية احتلت وقسمت وقضي علي عمقنا الاستراتيجي الشرقي واصبح من نصيب طهران، قدمته لها ماما أمريكا علي طبق من ذهب، سوريا يدمرها طاغيتها تدعمه ايران وروسيا وتلعب أمريكا لعبتها لتدمر ذلك البلد لتضمن امن اسرائيل، الصومال واليمن وليبيا مسرح لكل الصراعات الداخلية والخارجية، والسودان ضاع جنوبه وهناك مخطط دولي لتقسيمه، فحال أمن العرب القومي لا يسر عدوا ولا صديقا أصبح في مهب الريح!! في وسط هذا الانكسار والتشرذم والتمزق العربي انقسم العمق العربي الي أجزاء قطرية فتح الباب علي مصراعيه لايران لتبرز قوة علي حساب العرب ليصبح لها القدح المعلي في العراقوسوريا وفي لبنان حيث حزب الشيطان، ولم تتأخر تركيا عن الركب لتضع لنفسها عمقا استراتيجيا في الجناح الشرقي من ديارنا العربية، ومعروف ان اسرائيل تمثل تهديدا واقعا للأمن العربي منذ تأسيسها في 15 مايو 1948 علي ارض العرب.