مع اقتراب استحقاقات الاستفتاء علي دستور مصر الثورة الذي سوف تتأسس عليه دولة مصر الحديثة الساعية الي التقدم والازدهار.. أرجو أن يكون حزب النور وتجاوبا مع مرجعيته الاسلامية صادقا في الموقف الذي اتخذه. مبادئ هذه المرجعية توجب عليه الالتزام بما أعلنه تجاه دعوته الي المشاركة والتصويت بنعم علي هذا الدستور. لا جدال ان ما صدر في هذا الشأن من رئيسه يونس مخيون سوف يكون دليلا علي مدي تمسكه بالقيم الاسلامية الصحيحة وكذلك مقياسا لانتمائه الوطني. في نفس الوقت فإنه يمكن النظر الي هذا الموقف باعتباره تجسيدا لرسالة الدين الاسلامي التي تقوم علي السماحة وخير وسلام أبنائه وكل بني البشر. من ناحية اخري فإن الاخلاص لهذا الدين مرهون بروح التواصل مع مبادئه والاستجابة لتعاليمه علي اساس العلاقة السوية بين الانسان المسلم وربه دون وساطة باعتبار ان الكهنوتية ليست من تقاليد الاسلام. هذه الحقيقة التي لا لبس فيها تتفق وتنسجم مع مبدأ »الدين لله والوطن للجميع« وهو ما تراهنت عليه الوطنية المصرية وكان دوما محورا لدولتها وتاريخها. ان الشعب المصري في اطار مسعاه الخيّر يستهدف بناء دولته علي الامن والاستقرار والاخوة والمواطنة الحقة التي تعكس تاريخه وأصالته.. بعيدا عن الفكر الشرير المتطرف الذي يلحق الاذي بالوطن وابنائه. تعظيما لهذا الهدف فان كل مواطن شريف مدعو للمشاركة الايجابية في استفتاء الدستور. إنه مطالب بان يقرأ مواد هذا الدستور بدقة وإمعان وتفهم ويتدارس معانيها بعقل مفتوح وقلب يُحركه الحرص علي الصالح الوطني وليس أي شيء آخر. عليه ان يتذكر دائما تلك السنوات الثلاث العجاف التي عشناها وما ارتبط بها من معاناة. كان الوطن خلال هذه الفترة العصيبة أسيرا لجماعة الارهاب الاخواني التي عملت علي تدمير وهدم المقدرات الوطنية للدولة محكومة بنزعة مريبة تقوم علي التجارة بالدين. علي كل مواطن وانطلاقا من انتمائه وولائه وحبه لمصر ومع تطلعه الي مستقبل زاهر لها ولأجيالها المتعاقبة.. ان يؤمن بان إقرار هذا الدستور هو البداية الصحيحة لبناء الوطن الذي نحلم معه جميعا. هذا الامل افتقدناه عمدا وبفعل فاعل بعد ثورة 25 يناير التي تم السطو عليها وتحويلها الي مسخ وضياع. توافقا من هذه البداية الصحيحة تأتي بعد ذلك عملية تواصل هذا البناء من خلال الانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الشعب. عندما تتحقق كل هذه الخطوات بسلام وأمان.. وجب القول بان ارادة الشعب قد انتصرت واصبحت واقعا.