بليغ في صمتك مثلما أنت بليغ في حديثك المتزن المهذب.. بدقتك في اختيار الفاظك ولغتك العربية الفصحي.. لهذا يؤلمك الصمت الذي فرضه عليك المرض، ويؤلمني أن أحرم من صوتك الي مدي لا يعلمه الا الله. وأظل ابتهل اليه الشافي القدير ان يعيد اليك صحتك كاملة، ترقد مستسلما للاسلاك التي تصل جسدك بالاجهزة الطبية بغرفة العناية المركزة وبقدر اشفاقي عليك في محنتك.. لكني اعلم حجم المقاتل الذي يسكن داخلك واؤمن بقدرتك علي المقاومة فأبث كلمات التشجيع في اذنك لادفعك للتشبث بالحياة من أجلنا واتساءل هل تدرك قولي بما تبقي من وعيك؟ كل ما اتمني ان أعرف كيف تشعر وانت اسير فراش المرض.. حبيسا لجدران الصمت ولا تبقي غير عينيك التي تعرفنا.. لكنها عيون حزينة كسيرة - لا كسر الله لك عينا - أدخل عليك وقت الزيارة وانا ارسم ابتسامة مرحة مصطنعة تستقبلني بعين فرحة.. أضع راحتي في يدك السليمة فتمسك بها لتثبت لي أنك لا زلت قويا.. احيانا عندما ينتهي وقت الزيارة القصير تمسك بيدي كي لا أتركك وحيدا لكنك تعلم أنني وأولادنا معك دائما مهما كان حجم الجدار الفاصل بين عالم معقم بارد أنت أسيره وعالمنا الفاقد للمعني بدونك.. لكننا نستطيع أن نتواصل روحيا حسب الحديث الشريف الذي رددته دائما (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف). خلال فترات يقظتك القليلة سألتك: فين الدبلة؟ فرفعت يدك اليسري السليمة.. فرغم مرضك فشلت جميع محاولات خلع الدبلة من اصبعك لتشبثك بها فجعلتك تلمس دبلتي التي كم ضاعت مني ثم عثرت عليها لكثرة ما خلعتها فقد اصابني فوبيا اي خوف مرضي من الخواتم منذ تورم اصبعي واخترقته الدبلة خلال قصها ولأكثر من عشر سنوات مضت لم أرتد خاتما الا خارج المنزل ثم أسارع بخلعه! أحيانا كنت تسألني عن دبلتي فأعدك بالبحث عنها واثقة اني سأجدها ببعض الجهد، لهذا حاولت اسعادك بدبلتي لكن في اليوم التالي وجدتك حزينا مطرقا تتفقد يدك اليسري السليمة وتقلبها واصبعك يبحث عن دبلتك فلا يجدها فقد اضطروا لخلعها لتورم اصبعك و قاومت قدر استطاعتك، فارتديت دبلتك الفضية ورفعتها امام عينيك لتراها والغريب أن مقاسها ناسب أصبعي والأغرب أني لم أخلعها كعادتي وكأني شفيت من خوفي.. بعض الكتابة تؤلم اذا عبرت عن موقف صادق ولهذا أكتب بدموعي مبتهلة لله القدير أن يشفي زوجي وسندي وأن اسمع صوته من جديد .