اسرى العدو الاسرائيلى فى مدينة السويس الشيخ والكابتن والجاسوس.. حكايات يتناقلها الأبناء جيلاًبعد جيل أحمد هاشم وإبراهيم سليمان وفايز أمين وأشرف عبدالدايم كانوا دروعاً بشرية لحماية السويس من العدوان الإسرائيلي كلما ضربنا بأيدينا وبأصابعنا وبقوة داخل أوراق التاريخ خاصة تاريخنا الوطني الحديث، نستطيع أن نستخرج منه حكايات وحكما برهنت ولاتزال تبرهن علي فدائية وبطولة هذا الشعب الذي لم يستسلم أبداً سواء للمحن أو للعدوان. وحسناً ما فعله الأديب حسين العشي ابن مدينة السويس الذي أصدر لنا الجزء الأول من موسوعته عن رجال السويس وكفاحهم المشرف للدفاع عن مدينتهم الباسلة والذي يقدمه بمناسبة مرور 04 عاماً علي انتصارات 6 أكتوبر في عام 3791، وما حققناه في ذلك العبور العظيم. والكتاب صدر منذ أيام تحت عنوان : »رجال صنعوا تاريخ السويس« . السويس مصنع الرجال لقد اختار الأديب حسين العشي 84 شخصية لعبت أدواراً مهمة في تاريخ مدينة السويس وتاريخ مصر في آن واحد.. ومنهم الأدباء والفنانون ورجال الاقتصاد والسياسة ثم الفدائيون الذين بلغ عددهم في هذه الأوراق والذين سوف نتوقف مع حكاياتهم طويلاً »خمسة عشر فدائياً« وهم من رجال المقاومة أيضاً والذين استشهد بعضهم في الدفاع عن مدينتهم وذلك بالإضافة إلي حديث ذي شجون وأمل وكرامة عن ثلاث شخصيات من رجال السويس الذين صنعوا تاريخها وهم: أحمد الهوان والمعروف باسم »جمعة الشوان« والكابتن غزالي متعه الله بالصحة، بالإضافة إلي الشيخ حافظ سلامة، أحد العلامات البارزة في تاريخ الثورة الشعبية والمقاومة الباسلة لرجال السويس. ومن قبل الوقوف تفصيلاً علي حكايات هؤلاء الفدائيين الذين قدموا أرواحهم من أجل مصر وفداء لها، وتكريماً لكل الذين شاركوا في صنع تاريخ هذه المدينة الباسلة، مدينة السويس، نستعرض ولو بشكل عاجل أسماء كل هؤلاء الرجال من الذين صنعوا هذا التاريخ .. ونراه هنا يبدأ مشوار هؤلاء الرجال بالحديث عن الدكتور أحمد زكي كيميائي مصر الأول الذي وصفه بقوله: إنه أعظم من أنجبت السويس باعتباره كان أول شخصية علمية تحصل علي درجة الدكتوراه في هذه المدينة الباسلة.. ثم يحدثنا المؤلف عن شريحة أخري من هؤلاء الرجال مثل الشاعر السويسي محمد فضل اسماعيل والكاتب الصحفي ابراهيم نافع والناقد الدكتور عبدالفتاح الحديدي ثم الفنان اسماعيل ياسين وأبو الرسوم المتحركة علي مهيب وآخرين. الشيخ والكابتن والبطل كما يحدثنا المؤلف كذلك عن شريحة ثالثة من هؤلاء الرجال الذين صنعوا تاريخ مدينتهم السويس وكذلك من الذين ساهموا في تاريخ مصر، وهم الشيخ حافظ سلامة حيث لا يستطيع أي إنسان، وعلي حد قول حسين العشي ومهما كانت درجة الإنصاف عنده أن يتحدث عن هذه المدينة العظيمة من دون الحديث عن هذا الرجل السويسي أباً عن جد والذي عاش حياته في صفوف المعارضة وفي كل العصور بدءاً من عهد الملك فاروق وحتي اليوم. ولد الشيخ حافظ أحمد سلامة في 6 ديسمبر عام 5291 وله تاريخ ناصع البياض في العمليات الفدائية منذ عام 6391، كما أن له صفحات مضيئة في مسيرة الدعوة الإسلامية المعتدلة. ولابد لنا في ذات السياق أن نتوقف كذلك أمام شخصية مبدعة ووطنية وفدائية مثل الكابتن غزالي، هذه الموهبة التي أخرجت لنا الكلمات المعبرة عما كانت فيه مصر آنذاك كما لعبت هذه الموهبة ذاتها دوراً محورياً.. وخلال سنوات فاصلة في التاريخ المصري الحديث، وعبرت بأكثر مما تستطيع مثلما كان يعمل كبار المثقفين والشعراء.. ولد محمد أحمد غزالي والذي استمر إعلامياً باسم »الكابتن غزال« في أبنود بصعيد مصر في 01 نوفمبر 8291 أنه ومنذ بداية حياته كان من شباب أبطال المصارعة بالسويس، وحقق فيها نتائج باهرة، ورغم أنه ولد في قرية »أبنود« بالصعيد إلا أنه عاش كل طفولته وحياته في هذه المدينة الباسلة حيث نشأ في منطقة الغريب والتي تتمركز فيها أغلب العائلات ذات الأصول الأبنودية، غير أن نشأته وصباه لم تشهدا سوي الارتباط بقضايا وطنه.. وفي وسط هذا الجو الصاخب من الاشتباكات والغارات والحروب والإحساس بوطأة الاحتلال تفتحت عيناه، وسرعان ما انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 5491 حتي تفجرت حركات المقاومة الفدائية المصرية والرافضة للوجود البريطاني، وكان الكابتن غزال في طليعة هؤلاء الشبان الذين انضموا إلي هذه الحركات الفدائية وظل عداء هذا الرجل متواصلاً خاصة عندما تفجرت موهبته من خلال كتابة الأشعار والأغاني الوطنية ومن خلال فرقته المشهورة باسم »أولاد الأرض«.. وها نحن نتوقف أمام شخصية ثالثة من شخصيات أبناء السويس الذين زاع صيتهم لما قدموه من تضحيات غالية من أجل مصر إنه أحمد الهوان والذي أطلق عليه مؤلف هذه الموسوعة اسم »جاسوس من شارعنا«! هذه الشخصية المعروفة لنا جميعاً والتي جسدها الفنان عادل إمام في مسلسله المشهور »جمعة الشوان«.. وقد رحل عن عالمنا، هذا البطل نعته المخابرات العامة بنعي يليق به في إحدي الصحف اليومية الكبيرة.. وهناك أسرار كثيرة قد ارتبطت بالمؤلف شخصياً مع هذا البطل والذي عاش معه لسنوات في الشارع الذي كان يسكن به في مدينة السويس. مع قصص الأبطال والشهداء لقد حان الوقت كي نقف مع المؤلف ومعكم ومع الدنيا كلها لكي نستمع وننصت إلي قصص أكثر عن خمسة عشر بطلاً وشهيداً مصرياً كانوا جميعاً من أبناء السويس.. هؤلاء الذين قدموا دماءهم فداء لهذا الوطن العزيز خاصة أن هذه المدينة التي نشأوا بها شهدت الكثير من المعارك ضد العدو الإسرائيلي، وكان آخرها معارك حرب 37 المجيدة.. ونظراً لكثرة عدد هؤلاء الشهداء وأهمية الوقوف علي حكاياتهم بالتفصيل، فسوف نسوق أسماءهم وما قدمه كل منهم.. علي سبيل الإجمال ثم نختار بعض النماذج التي ضحت بحياتها من أجل تحقيق نصر أكتوبر علي وجه الخصوص، وذلك بمناسبة احتفالنا هذه الأيام بذكري مرور 04 عاماً علي هذا الانتصار العظيم.. ونبدأ من الشخصية رقم 33 في كتاب الأديب حسين العشي »رجال صنعوا تاريخ السويس« حيث يشير إلي البطل علي محرم، هذا الشاب صاحب العشرين ربيعاً والذي استشهد علي أرض السويس أثناء حرب الاستنزاف، وكذلك إلي البطل الشهيد مصطفي أبو هاشم الذي وصفه المؤلف بأنه أجمل الشهداء، ثم قصة البطل سعيد البشتلي الذي استشهد علي خط بارليف في عملية فدائية خاصة.. ومن هؤلاء أيضاً إبراهيم سليمان الذي شارك هو الآخر في العمليات خلف خطوط العدو خاصة طوال فترة حرب الاستنزاف وكان يتمني مواجهتهم في حرب أكتوبر، ولكنه لم يجد فرصة لذلك بعدما انتقلت قواتنا المسلحة إلي شرق القناة في سيناء لتطهير الأرض من دنس الأعداء، إلا أن أمنيته قد تحققت عندما دخلت القوات الإسرائيلية مدينة السويس في ليلة 32 و42 أكتوبر عام 37 فتصدي لدبابات إسرائيل كما شارك في حماية قسم المدينة.. ولكن المنية وافته فاستشهد علي الفور، ثم أحمد أبو هاشم أخو مصطفي والذي يعتبر أول شهيد في السويس يوم 42 أكتوبر، عندما قرر الانضمام لمنظمة سيناء من أجل أن يأخذ ثأر أخيه.. ولا ننسي أن نشير في هذا السياق إلي قصة أشرف عبدالدايم وهو يعتبر وفق ما سطره الأديب حسين العشي من فرسان المقاومة الذين لا نعتبرهم شهداء فقط، بل هم من الأبطال الحقيقيين الذين استشهدوا وهم يحملون السلاح في مواجهة العدو الإسرائيلي. نماذج أخري بطولية ويستمر الأديب حسين العشي في كشف ما تم تسجيله عن هؤلاء الأبطال الذين وقفوا بالمرصاد للعدو الاسرائيلي من أجل أن يدخل مدينة السويس بعد نجاحه في تلك الثغرة التي بدأها يوم 42 أكتوبر عام 37، وكان علي رأس هذه الكتيبة الفدائية عم حلمي حنفي شحاتة وهو أحد رجال منظمة سيناء والذي كان يتميز بجرأة هائلة منذ اليوم الأول لانضمامه إلي المقاومة الشعبية ثم منظمة سيناء، ونظراً لما اتصف به من جرأة غير مسبوقة فقد كانوا يختارونه للعمليات الأكثر خطورة.. ولذلك كان من أوائل الفدائيين المصريين الذين تقدموا وفي وضح النهار للاشتباك مع دبابات العدو الاسرائيلي والتي زحفت علي مدينة السويس في 42 أكتوبر عام 3791.. ثم ضرورة الحديث كذلك عن البطل محمود عواد الذي ولد في عام 0491 من أسرة سويسية تكره العدو الاسرائيلي بحكم التاريخ والجغرافيا، إلا أن كراهيته للعدو كان لها بعد آخر في نفسه حيث قتل العدو أخاه الأكبر حسن عواد بطل مصر في كمال الأجسام أثناء حرب 7691 وفي سيناء بعدما رفض إلقاء سلاحه.. ثم لابد أن نتوقف كثيراً أيضاً أمام قصة هذا البطل الذي كان علي أبواب الستين من عمره وهو محمود طه الذي شارك في معركة الثغرة التي بدأت بوادرها ليلة 61 و71 أكتوبر 3791، كما شارك في معركة مبني قسم الأربعين التي استمرت حتي غروب الشمس. مع شيخ الفدائيين ونختتم هذه الجولة بالحديث عن غريب محمد غريب والمعروف في السويس باسم شيخ الفدائيين، والذي يقول عنه الأديب حسين العشي إن هذا الرجل ورغم أنه من أبطال حرب 37، إلا أن تاريخه الفدائي يرجع إلي ما قبل حرب أكتوبر بكثير، فقد وجدوا اسمه في صفحات تاريخ العمل الفدائي ضمن أسماء الرجال الذين كانوا يشاركون ضد جنود الاحتلال البريطاني عامي 1591 و2591.. وليس ذلك فقط، بل وشارك كذلك بأعماله الفدائية في حرب يونيو عام 7691، ثم يأتي موعد مشاركته في حرب 37 عندما ساهم مع زملائه ليلة 32 و42 أكتوبر في إعداد الكمائن بوصفه أكبر الفدائيين ومعرفته بكل مناطق حي الأربعين، كما تولي قيادة كمين البراجيلي الذي كان يضم الشهيد أحمد أبو هاشم، ثم في 52 أكتوبر ورغم كبر سنه تم تكليفه باقتحام قسم شرطة الأربعين لتطهيره من أية ألغام أو كمائن فيه ويحتمل أن يكون العدو قد قام بزرعها خلال الانسحاب، ثم بعد تكليفه في مأمورية القسم يتم تكليفه كذلك بمهمة المشاركة في مخازن الدقيق الرئيسية التي كانت موجودة في عمارة »مكوماكس« بميدان المحافظة، وعلي مدي الأيام الثلاثة التالية يقوم بعدة عمليات استطلاع علي مواقع جنود العدو، كما شارك في الاشتباكات في هذه المناطق.