بعض تسريبات لجنة الخمسين لوضع الدستور تشير الي احتمال إعادة نسبة الخمسين بالمائة من مقاعد المجلس النيابي للعمال والفلاحين بعد أن كانت لجنة العشرة من الخبراء الدستوريين والقانونيين قد ألغتها. وحتي لو كانت إعادتها ستكون لدورة واحدة فسيظل الاصرار علي استمرار هذه الكوتة للعمال والفلاحين أعجوبة من الاعاجيب، حيث انها قد ابتدعت منذ أكثر من ستين عاما وكانت وسيلة مريحة للأنظمة الشمولية للسيطرة علي المجلس وتمرير ما يريدون من قوانين أو تشريعات اضافة الي ضعف القدرة الرقابية لتلك المجالس لدرجة انه لم يكن هناك أي وسيلة لمساءلة الحاكم أو حتي مشاركته فيما يتخذه من قرارات وقد كان بعضها مصيريا ومنها ما أدي الي ضرر وتأخر للبلاد، ذلك لأن الاغلبية بهذه المجالس كانت من العمال والفلاحين حسب الدستور وكان معظمهم لا يستطيعون وربما لا يدرون شيئا عن حقهم بل واجبهم في مراقبة ومساءلة السلطة التنفيذية من أول موظف في الدولة الي رئيس الجمهورية، بل ربما يكونون هم أنفسهم قد قاموا بوضع بعض المواد التي تحول دون مسائلة الرئيس او الحكومة مقابل الابقاء علي هذه النسبة المشئومة والتي مازال البعض من داخل لجنة الدستور يعتبرها مكسب من مكاسب ثورة يوليو بينما أنا وكثيرون مثلي نعتبرها احد مساوئ عهد عبدالناصر حيث كانت هذه الكوتة أحدي اهم وسائل صناعة الدكتاتور، فهل كان باستطاعة عامل أو فلاح ان يسأل ضابطا برتبة كبيرة »أنت بتعمل أيه« فما بالك لو اصبح هذا الضابط رئيسا للجمهورية.. ونذكر هنا بواقعة اجراء امتحان قراءة وكتابة لاحد نواب الحزب الوطني ببرلمان 5991 عن دائرة المطرية الذي رسب في الامتحان رغم انه كان معاه شهادة محو أمية!! ومع ذلك ظلت هذه النسبة المشبوهة وامتدت الي دستور السادات وفي مجالس مبارك الي ان أطاحت به ثورة يناير لنفاجأ باقرارها واستمرارها في دستور الإخوان ثم بعد سقوط الإخوان ودستورهم نسمع أن هناك من يطالب بأن ينص الدستور الجديد علي أن يكون خمسون بالمائة علي الاقل من عدد أعضاء المجلس النيابي عمالا وفلاحين وهم علي عيني وعلي رأسي بشرط ان يتساووا مع الجميع في الحقوق والواجبات ولهم الحق في انتخاب ممثليهم داخل المجلس دون تمييز لهم او انتقاص من حق غيرهم، ولو أتت الانتخابات بستين أو سبعين بالمائة من اعضاء المجالس عمالا وفلاحين فسوف نفتخر جميعا بعمالنا وفلاحينا، اما محاولات الضغط والابتزاز التي يقوم بها ممثلا العمال والفلاحين داخل لجنة وضع الدستور فيجب ان تواجه بالرفض من ممثلي بقية الفئات لان الرضوخ يعتبر ضعفا لا مبرر له وليس في الصالح العام. ولو نظرنا الي العدد الفعلي للعمال والفلاحين سنجده أقل من الخمسين بالمائة بكثير كما ان احدا لن يمنعهم من الاستحواذ علي أي عدد من المقاعد قدر شعبيتهم ومؤيديهم أما اذا كانت هناك ضرورة لتمييز فئة علي أخري فمعذرة لإخواننا العمال والفلاحين أقول ان التمييز يجب ان يكون للفئات الأخري الاكثر عددا والأعلي تعليما وثقافة. وعلي الذين يطالبون بكوتة للعمال والفلاحين ان يتذكروا ما كانت تجلبه من طعون واستشكالات علي صفة المرشح طوال فترة الانتخاب بداية من الترشح وحتي إعلان النتيجة النهائية، والتي كانت كثيرة بدرجة تهدد قرارات المجلس بالبطلان مما أوصلنا الي بدعة »المجلس سيد قراره«. واذا كانت لجنة الخمسين مضطرة للموافقة علي كوتة للعمال والفلاحين فإن عليها أيضا إعطاء كوتة أخري للمرأة التي هي بالفعل نصف المجتمع، وبالمرة كوتة أخري »لتحالف دعم الشرعية« أما غالبية الشعب فليأخذوا مقاعد ممثليهم علي »النوتة«.