الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة أحد أبرز شعراء جيل الستينيات، تميز شعره بمجموعة من السمات الفنية التي تجعله شاعرا متفردا في اختيار كلماته وموضوعات أشعاره التي تجعلك وأنت تطالعها كأنك قائلها بساطة الكلمة وذوبانها في الإحساس حولتها إلي لغة شعرية مميزة تشبه صاحبها في رقته الممزوجة بالحب النادر، تتميز كلماته بهدوء اللغة وسلاستها، وبروح ذاتية تتماشي مع قضية العشق التي فرد لها معظم قصائده. من أبرز سمات شعر أبو سنة القدرة الهائلة علي الفرح وعلي الحب حتي في أقصي لحظات الغضب والتمرد التي تفور بها الكثير من قصائده. صدر له من الدواوين الشعرية: قلبي وغزالة الثوب الأزرق - حديقة الشتاء - الصراخ في الأدبار القديمة - أجراس المساء - تأملات في المدن الحجرية - البحر موعدنا - سرايا النهار البعيد - رماد الأسئلة الخضراء - رقصات نيلية - ورد الفصول الأخيرة- موسيقي الأحلام، وهو أحدث دواوينه، مسرحيتان : »حصار القلعة«، »حمزة العرب«. رغم هذا الإنتاج المميز إلا انه قد اختار الشاعر لصفحة كلام في الكتب هذا الكتاب الذي يضم ديوانين في كتاب واحد تحت عنوان »حديقة الشتاء والصراخ في الآبار القديمة« وهي تجربة إبداعية انفرد بها شاعرنا، يقول أبو سنة في كتابه تحت عنوان »رؤية«: إن حاجة الإنسان للحب والصداقة والتواصل الإنساني لم تكن مجرد رغبات تستبد بالكائن الحي أو الإنسان المعاصر لتزجيه أوقات الفراغ، وإنما هي هذه المطالب العادلة هي ضروريات الوجود الحقيقي، ومن هنا فان افتقادها ليس عبئا بسيطا وإنما هو نوع من الاقتراب اليائس من دائرة الجنون السوداء. إن البحر يلوح أيضا كمعلم عظيم للإنسان بشموخه وهديره ورقصه. إن الشعر لا يكتفي بهذا المسرح العابر الذي أقامته إرادة الإنسان الباطلة لتمثيل مهزلة دامعة وإنما الشعر يتجه إلي المسرح الخالد الذي أقامته يد الله العادلة. في هذا الديوان يوجد الحب والجمال والحقيقة شركاء للحزن والألم في مسيرة الوجود. من بين قصائد ديوان »حديقة الشتاء« اخترت أبياتا من قصيدة بعنوان »يقول الحب« يودع حسان حبيبته فاطمة عندما ناداه الوطن يقول الشاعر: وتوقفت الموسيقي في أذنيه وصمت لسان الأغنية المبتهجة وعلي باب البيت الفواح بفاكهة الحب انتشر نداء موجع يترقرق فيه الدمع يا فاطمة الوطن مريض يا فاطمة الصبر لا يبقي بعد الساق الفرع ستجف الأوراق إذا قطع الأعداء الشجرة أفراح الآتين إلي هذا العالم يا فاطمة يقول الحب: حين يكون الحبوب مريضا فليمت العاشق قبل المحبوب.
ومن ديوان »الصراخ في الآبار القديمة« يقول الشاعر في قصيدة »ما أقسي برد الليلة«: ما أبهظ ثمن الحب في عصر الثلاجات كنا نحلم قبل الميلاد الأزرق أن يأتي عصفور ذهبي الصوت فيغني لاثنين التفا بالأشواق أن يولد إنسان في إنسان أن يسكننا دفء مودتنا أن نبصر ورد البستان يمنحنا لون الورد للشوق الجارف والأبيض والأزرق كل الألوان ثوب محبوك الأطراف علي قصتنا كنا نحلم أن تجمعنا حاجة قلبينا حتي لا نهلك منفردين