علي مؤشر إذاعة الأغاني ظل راديو سيارتي جامدا لا يتحرك طوال الفترة العصيبة الماضية..قنوات التليفزيون تصيب بالكآبة وتحض علي التمزق.. استفدت من فتوي الشيخ صفوت حجازي وهو يجلجل فوق منصة رابعة حين تذمر بعض الموجودين بالاعتصام من فوق المنصة، فالاغاني - في نظرهم- مقطوع بحرمتها، ورد الدكتور صفوت حجازي - وقتها- علي تذمر البعض من تشغيل المحرمات فوق المنصة ليقول لهم إن المنصة بها علماء يمثلون كل الاطياف وبالتالي فتشغيل الاغاني يعتمد علي اجازة فقهية، خاصة انها أغاني وطنية!. وقلت في نفسي ساعتها: حلو أدي فتوي من منصة رابعة بتحليل الاستماع الي الاغاني، علي الأقل الوطنية، وتذكرت ساعتها في نفسي أيضا الاعتراضات الاخوانية الشديدة علي قروض صندوق النقد الدولي قبل الثورة وبعدها عندما اثير الامر اثناء وزارة د.كمال الجنزوري ووقفوا للرجل بالمرصاد لئلا يتم مفاوضاته للحصول علي القروض الربوية المحرمة، حتي إذا وقعت الواقعة ودانت أبهة الحكم واستدعت الظروف الاقتصادية بعد الثورة استكمال المفاوضات مع الصندوق وثارت أصوات السلفيين ضد القرض الربوي خرج د.محمد مرسي رئيس الجمهورية بنفسه لينفي أن القرض ربوي وأن مصروفاته الادارية ضئيلة للغاية ولا تمثل ربا، وكانت أول مرة بالنسبة لي أعرف ان الربا يقاس بضآلة أو كبر الفائدة علي أي قرض.. لكنها الميكافيلية السياسية في أوضح صورها! أنا الشعب المهم أعود الي مؤشر إذاعة الاغاني وأقول إن الفترة العصيبة الماضية منذ فض الاعتصام أفرجت الاذاعة، وخاصة إذاعة الاغاني- عن المحبوس لديها من مخزون أغاني الستينيات الوطنية، وما أدراك ما فترة الستينيات، أقصد طبعا بالنسبة للروح القومية التي سادت كل مجالات الحياة.. ولا أقصد بالطبع الجملة الشهيرة التي اطلقت في ميدان التحرير فوق منصة الثورة عقب اداء الرئيس المعزول محمد مرسي للقسم هناك وارتجاله كلمة ثورية تعرض خلالها لفترة الستينيات بجملته الشهيرة »وما ادراك ما فترة الستينيات«.. ومن كنوز ما تكررت اذاعته عقب 03 يونيو رائعة أم كلثوم الاستثنائية »صوت الشعب« وهي تردد »أنا الشعب لا أعرف المستحيلا«.. وعلقت ابنتي الصغري آلاء بعد ختام الاغنية: شعب إيه؟وفاجأتني كلماتها فسألتها »هي الاغنية ما عجبتكيش؟ قالت: الاغنية جميلة وأنا باحبها.. بس يا بابا دي كانت بتغني لشعب تأني غير الشعب المصري بتاع دلوقت!. تسلم الأيادي سكت ولم أعلق، فالطفلة الصغيرة 8 سنوات استوعبت جمال الاغنية وتفاعلت معها كثيرا رغم صعوبة بعض معانيها، لكنها تري ان الشعب الذي غنت له أم كلثوم ليس هو الشعب الحالي الذي انقسم بفعل السياسة والجماعات وثورتين واستمرار المظاهرات وإصرار البعض علي ان 03 يونيو انقلاب واصرار أكبر علي تجميد حركة الإنتاج والاقتصاد واستعداء الخارج ورفض التسليم بالامر الواقع والانصياع لإرادة الاغلبية والمطالبات المستحيلة لمجرد العودة الي الحوار، وكأنهم لا يرون الدنيا حولهم أو مازالوا يعيشون في عالم آخر!. وتصل الي مسامعي احدث اغنية وطنية يرددها الكثيرون من أبناء هذا الشعب، »تسلم الأيادي« واكتشفت ان احد اسرار وصول الاغنية للناس ان الملحن قد استلهم نغمات لحن شهير لعبدالعظيم محمد غنته شريفة فاضل في الستينيات ايضا عن وداع رمضان »والله لسة بدري يا شهر الصيام« وقلت في نفسي حتي الاغنية التي تركت اثرا مع الناس في هذه المرحلة الحرجة هي ايضا من روائح مرحلة الستينيات.. وما أدراك ما الستينيات!.