الأغاني الوطنية وخصوصا تلك التي توجه إلى رئيس الجمهورية غالبا ما تكون إنعكاسا للحالة السياسية التي تمر بها البلاد وتوثق في معانيها ومفرداتها والموسيقى التي تستخدم فيها الحالة الثقافية والقومية التي يعيشها الشعب المصري فأغاني عبد الوهاب التي كان يغنيها للملك فاروق كانت تعكس حالة الاجتماعية ومدى الرقي الذي كان موجودا في المملكة المصرية ، وأغاني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ في فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر كانت تحمل النبرة الثورية وحالة التحدى ، أما الأن فوصل مستوى الأغاني الموجهة للرئيس إلى أغنية عصام شعبان عبد الرحيم "يا شفيق" على لحن اغنية تحمل اسم "سبعة ونص" وهي احدى الاغاني الرخيصة في معانيها وموسيقاها ، والتى تسببت فى قطيعة بينه وبين والده وفقاً لتصريحات شعبان نفسه ، بالإضافة لأغنية مرسى قاعد على الكرسى الذى تغنى بها الشيخ أشرف عمران للمرشح محمد مرسى ، وهو ما دعى إلى فتح ملف مطربى الرؤساء، ولعل الثمة المشتركة الواضحة بين الأغنيتين هى التملق، والنفاق، على الرغم من كونها ليست ظاهرة جديدة على المجتمع المصرى. فالمعروف أن المطربين المصريين غنوا لعبدالناصر أكثرمما غنوا للسادات أول مبارك وكان غناؤهم للأول هو الأجمل ،ومن الملاحظات أن الأغنيات التى تمجد نظم الحكم والملوك والرؤساء تؤلف وتردد وتذاع فى الدول النامية ،ومن المستحيل أن نسمع أغنية وطنية فى الإذاعة الأمريكية أوالبريطانية مثلاً تمجد الرئيس أوباما أورئيس الوزراء ديفيدكاميرون ، فكان تمجيد الرؤساء والملوك عادة موجودة فقط فى الدول النامية وينعدم وجودها فى العالم المتقدم الغني القوي الذي يسمى العالم الأول وهذا التمجيد بالغناء الذى يتلقاه الحكام يحدث فى النظم الشمولية ويندرأويكاد ينعدم فى الدول الديمقراطية. وقد بدأت أم كلثوم هذه النوعية من الغناء حيث قدمت ثماني أغان للملك فاروق وعائلته كان اشهرها "اجمعي يامصر" من كلماتأحمد رامي الحان السنباطي ،و"ياأغاني السماء" من أشعار محمود حسن إسماعيل و"مبروك علي سموك" من كلمات بديع خيري، ولعل غناءأم كلثوم للملك هو ما جعلها تحصل علي "نيشان الكمال " والذي يعني "صاحبة العصمة" وهواللقب الذي لم تحصل عليه سوي الاميرات. ثم جاءت فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وهي الفترة الاكثر غناء لرئيس ، بالرغم من كون جميع من غنوا لناصركانوا يشعرون بأنهم يغنون للوطن وليس لعبد الناصر كفرد ، والدليل ان عبد الحليم حافظ ابرز من غني لهذه الفترة ولقبَه الجمهور ب "مطرب الثورة" ،لعدم شعور الجمهورأن غناء حليم لناصر تملقاً، وإنما كان حبا صادقا له ، وتعبيراً عن تقدير الشعب لرئيسهم ،وقدم حليم لناصرعدة أغان منها "اخترناك من قلب الشعب" و "ياجمال يا حبيب الملايين " وكانت معظم أغاني حليم لناصر تحمل طابعا لشعب لذلك لم تكن اغاني شخصية للحاكم. ولم تغب أم كلثوم وعبد الوهاب وفريد عن المشهد، حيث قدمت أم كلثوم "يا جمال يا مثال الوطنية" و"حبيب الشعب" ، وقدم عبد الوهاب أغنية "أنا شفت جمال" ، وقدم فريد الأطرش أغنية "أكبر حب" . ثم كانت فترة أنورالسادات ، والتى غلب عليها الشدوالجذب،خاصة أنه جاءبعد نكسة، ثم حقق انتصاره التاريخي في حرب أكتوبر،وكان السادات لايهتم بالطرب والمطربين لدرجة أنه لم يُعرف لهم طرب من الاساس،وان كانت أشهرالاغاني التي تم غناؤه "عاش اللي قال" لعبد الحليم، ثم غني له أيضا"سيدمكاوي "تعيش يا سادات "، وغنت له فايدةكامل "حبيبنا ياسادات " لذلك تعتبر فترة هدوء بين المطرب والرئيس . ثم جاءت فترة الرئيس السابق مبارك الذي كثر مغنوه ، وكان الجميع يغني له إما بالاجبار أوالتملق والخوف من حاشيته،ولذلك فإن الكل غني لمبارك وكانت أشهرالاغاني "اللي ضحي لأجل وطنه " كلمات مدحت العدل وألحان وغناء عمرودياب، كماكان أوبريت "اخترناه" "واول طلعة جوية " من ابرز ماتم غناؤه لمبارك، وإشترك فيهما العديد من المطربين كان أبرزهم لطيفة ومحمدثروت، كما غنت له المطربة شيرين عبدالوهاب أغنية "ريسنا " كلمات أيمن بهجت قمروألحان تامرعلي ،وغنت له أيضا نادية مصطفي أغنية "سلامات"، وغني له هان يشاكر "يامعلي راية الحرية ". وفي عهد مبارك وجدنا مطربين شعبيين يغنون للحاكم فغني له شعبان عبدالرحيم في مؤتمرالحزب الوطني المنحل "ياأبوقلب أبيض فيه سماحة"، قبل أن يغنى أيضا خلال احداعياد ميلاد مبارك " عيدسعيد ياريس يا وش الخيروالنصر. وحتى بعد