عندما تضيق بك الدنيا، ولي وجهك نحو السماء، ارفع يديك وقل : " يا رب " . اطلب ما تشاء من السميع العليم البصير الذي يعرف ما في داخلك قبل ان تبوح به، العطوف القدير الذي يمد لك يد الرحمة في كل ضيقة، المهم ان تكون صادقا في عشرتك مع الله، ان تطهر ذاتك من كل الاخطاء التي ارتكبتها في حق الضعفاء، الله لا يقبل العشرة مع الذوات القاسية، تأكد أن من لا يرحم غيره سيجد الرحمة عند الله، كن مع الله تجده في داخلك . حياتنا مليئة بالكثير من الأمور التي تدفعنا للتوتر وتثير فينا الغضب، كلنا ندرك أن الغضب حماقة لكن في لحظات الانفعال ينساق المرء في غضبه، يتناسي ما يرتكبه من حماقات في حق نفسه وحق غيره، ترجمة ما اقول نراها يوميا في الشارع، سواء كنت راجلا أو راكبا، فالثعابين المتحركة المتنكرة في علب الميكروباص ،والميني باص ،والباص ،والتوك توك، تنزع منك اعصابك ان لم تنزعك كليا من فوق سطح الدنيا . سيادتك منفعل، متوتر، مش طايق، بتخانق دبان وشك، بتأفأف، بتأتأ، بتثأثأ ،بتأكل في ضوافرك ،عايز حد تفرغ فيه شحنة غضبك، طب ليه ؟ اهدأ .. لأنك عندما تغضب يتوقف عقلك عن التفكير السليم الصحيح، لحظتها تجد نفسك مندفعا لاتخاذ قرارات انفعالية طائشة، في قمة غضبك تفقد البصر والبصيرة فلا تري ما امامك، تتحول إلي ثور هائج علي طريقة " يا قاتل يا مقتول "، في لحظات الغضب والانفعال تتحرك في داخل المرء شهوة الغرائز الحيوانية وتقل لديه كل معاني الرقي والنبل والانسانية فيجد نفسه متورطا في الحماقة رغم انفه . الهرمون المسئول عن هذا هو هرمون الأدرينالين الذي يفرز استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال والغضب، ويقول العلماء أن هذا الهرمون له رائحة مميزة تشمها الحيوانات التي تكون في مواجهة الإنسان، من تلك الرائحة تكون الحيوانات علي دراية ما إذا كان الإنسان يشعر بالخوف منها أو لا فتقوم بمهاجمته أو تتراجع عن ذلك . ما أريد ان ندركه أن الابحاث العلمية توصلت إلي إن الانفعالات والضغوط التي نتعرض لها تجعلنا مؤهلين للوصول إلي قمة الغضب وارتكاب الحماقات نتيجة لزيادة إفراز هرمون الادرينالين الذي يؤدي لتغيرات فسيولوجية وكيميائية ينتج عنها زيادة في تسارع نبضات القلب ورفع ضغط الدم الذي يصلب الشرايين والأوردة الصغيرة وقد يؤدي إلي نزيف في الدماغ أوالاصابة بالجلطة القلبية أو الدماغية، ويؤثر علي أوعية العين بما يسبب العمي المفاجئ، ويؤدي ايضا لارتفاع نسبة السكر في الدم، فمن المعلوم أن حوادث السكري أول ما تبدأ تكون نتيجة لانفعال شديد، كما أن هذا الهرمون يعمل علي صرف الكثير من الطاقة المدخرة بما يؤدي إلي شعور المنفعل بارتفاع حرارة جسمه، ويؤدي إلي ارتفاع الشحوم التي تؤدي للتصلب الشرياني، وزيادة إفراز هرمون الادرينالين يؤدي ايضا إلي تثبيط حركة الأمعاء وهذا يفسر سبب إصابة ذوي المزاج العصبي الحاد بالإمساك المزمن، كما ان زيادة افراز الهرمون يؤدي إلي تحلل النسيج الليمفاوي الذي ينتج عنه نقص المناعة . هل بعد كل هذا سوف تترك لغضبك أن يذهب بك لجملة هذه الامراض التي لا يعرفها المتصوفة والرهبان والحكماء ؟ بالطبع لا احد يتمني ذلك ،في نفس الوقت لا احد يستطيع ان يكون كما لوح الثلج طوال الوقت، لكي نسيطر علي انفعالاتنا، علينا بالمحبة نتذكر الله وقت الانفعال والشدة، نستغفره ليلهمنا الهدوء والسكينة ،ندرب انفسنا للعيش في سلام مع النفس لنعيش في سلام مع الآخرين بنعمة . *** يقول د. مصطفي محمود : " إذا نزل مؤمن وكافر إلي البحر فلا ينجو إلا من تعلم السباحة، فالله لا يحابي الجهلاء، فالمسلم الجاهل سيغرق، والكافر المتعلم سينجو " . عبارة ساحرة ليتنا نتأملها بقدر ما بها من عمق وإسيجاز .