دقائق هي الفيصل بيني والموت... تحديداً 30 دقيقة كنت قبلها هناك... أمر من نفس الطريق لا يفصلني عن موكب وزير الداخلية سوي نصف ساعة ربما تزيد قليلاً أو تنقص.. كثيرون بالتأكيد تصادف مرورهم من نفس المكان وفي نفس التوقيت وأكثر منهم قبل ذلك وبعده... ربما كان مصيرهم - لا قدر الله - هو نفسه مصير من ساقته قدماه الي هناك علي غير موعد قدره... استشهد من استشهد... أصيب من أصيب... ربما كنت أنت أو هو أو أنا... لا فرق عندهم بين من خرج سعياً وراء بضع لقيمات وشيء من "الغموس" عله يسد به جوع صغار ينتظرونه... يحلمون مثل باقي مخلوقات الله بشيء من " الزفر " بالتأكيد نسوا طعمه منذ العيد "اللي فات"... اكتفوا فقط علي غير رغبة برؤيته لدي الجزار أو "الفرارجي" الذي لا يعرفون اليه سبيلاً... أو ربما هي بعض الحلوي "الرخيصة" يشتاقون اليها من أب يعود مساءً مهدود "الحيل" بعد يوم طويل وقد اضناه ذل السؤال والحاجة... أو حذاءاً مستعملاً و"لبس" مدارس اقترب أوانها والجيب خال لم يذق طعم "العملة" منذ أيام وربما أسابيع طوال... لا فرق في دينهم الذي ارتضوه أن يقتل هذا أو يسحل ذاك... أو يقضي بعضنا حياته قعيداً علي أيديهم... أنها الغاية لديهم تبرر كل وسيلة... اقتل... دمر... انسف كل ما تطاله يداك ومن قبله عيونك... أبني مجد الاسلام في زعمك علي أنقاض هذا الشعب "الفاجر" الذي يقضي يومه لا تطأ قدماه مسجداً... وليله بين جنبات الخمارات وأحضان العاهرات... يعاقر الخمر ليل مساء... يعيش علي كل أنواع المخدرات... شعب لا يدري علي وجه الدقة عدد ركعات الفجر... شعب لم يخرج دفاعاً عن "الشرعية"... شرعيتكم في القتل والذبح والتدمير... أسيادنا الأطهار... يا من ترون أنفسكم "خلفاء" الله علي الأرض... الأوصياء علي دينه... الأنقياء... الأتقياء... ورثة الأنبياء... ألا تعلمون أن من قتل نفساً من غير نفس أو فساد في الأرض كأنما قتل الناس جميعاً... ومن أحياها كأنما أحيا الناس جميعاً... هو" فسادنا " إذن مبرركم للقتل... إذا كنا في عقيدتكم مجموعة من الفاسدين... أذكركم والذكري تنفع المؤمنين... بنبي الله نوح عليه السلام الذي دعا قومه... "قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا... فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا... وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا"... هؤلاء قوم نوح الذين دعاهم عليه السلام 950 عاماً لم يقاتلهم خلالها... لم يرفع سيفه في وجوههم... لم يدع عليهم... بل دعا لهم... آخر الكلام أسيادنا محتكري الايمان... المبني الذي دمر في محاولة اغتيال وزير الداخلية كان به مسجد يجتمع به هؤلاء المسلمون "الكفرة" للصلاة وعبادة الواحد الأحد!!!.