تابعت بكل اهتمام الحديث الموفق للرئيس المؤقت عدلي منصور للتليفزيون المصري. أثار انتباهي هذا الطابع القضائي الذي اتسمت به إجاباته الهادئة والرزينة. تخيلته وكأنه يجلس علي منصة القضاء بما يجسده من هيبة قانونية. كان حريصا في انتقاء الكلمات التي بدت علي شاكلة ما يمكن أن تتضمنه الأحكام القضائية. كان واثقا مبتسما ومتجردا من أي مظاهر للغضب أو الاستفزاز أو الاستثارة. ظهر ذلك جليا في شرحه لقضية تمسك جماعة الإرهاب الإخواني بسبوبة صندوق الانتخاب لتبرير بقاء ممثلهم محمد مرسي علي كرسي الرئاسة. أشار إلي أن ما عبرت عنه نتيجة هذا الصندوق كان مرهونا بالأخذ بنجاح الرئيس في الاستجابة لرغبات الشعب وطموحاته. قال ان الفشل أو عدم التوفيق في تحقيق هذا الهدف جعل الشعب في حل من استمرار قبوله بهذه النتيجة وهو ما تجسد في ثورة الشعب يوم 03 يونيو التي كانت استكمالا لثورة 52 يناير. وقد ظهرت سيطرة المسئولية القضائية علي الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور عندما سئل عن وجهة نظره فيما هو مثار من خلافات بشأن المادة 912 في دستور 2102 والتي لا تمثل جديدا حيث إنها تفسير لما جاء في المادة الثانية المتعلقة بتأكيد الهوية الإسلامية للدولة المصرية. قال ان حسم هذا الأمر متروك للجنة الخمسين باعتبار أنه لا يستطيع إبداء رأيه مما قد يتعارض مع امكانية أن يعرض عليه الأمر قضائيا عندما يترك منصبه الرئاسي ويعود إلي موقعه بالمحكمة الدستورية العليا.. وبنفس الصفة والروح القضائية أكد انه وفي ظل السعي للتوافق الوطني لابد من أن تكون مصر دولة قانون. وفي هذا الاطار فلا تسامح مع أي إخواني ارتكب جرما يخضع للمساءلة القانونية. وبتقييم رجل القانون والقضاء تحدث الرئيس المؤقت عن الأعمال البطولية التي قام بها رجال القوات المسلحة والشرطة للحفاظ علي أمن مصر داخليا وخارجيا. أشاد بتضحياتهم ووجه التحية والتقدير لشهدائهم. وفي هذا السياق أشار إلي أهمية دورهم في إعادة الأمن والاستقرار الذي نحتاجه لبدء مسيرة الانتاج والتعافي الاقتصادي. وفي اطار الحديث عن الأوضاع الداخلية لجأ إلي قراءة بيان يوضح بالأرقام كل ما يتعلق بهذا الأمر معبرا عن تفاؤله بخروج مصر من أزمتها الصعبة. ومن أهم ما لفت نظري فيما قاله عن الأوضاع الخارجية تأكيده بعدم قبول مصر لأي تدخل خارجي في شئونها داعيا إلي قبول وتفهم إن ما جري في مصر كان ثورة شعبية بكل المقاييس. وفي هذا الجانب كان حريصا علي توجيه الشكر إلي الدول التي دعمت وأيدت مصر والتي كان من بينها عربيا المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والكويت. مشيدا بموقف روسيا والصين المساند لإرادة الشعب المصري ولمتطلبات المبادئ والمواثيق الدولية. دليل جديد لاجرام الجماعة أرجو أن يكون أصحاب تلك الأصوات المتعاطفة مع جماعة الإرهاب الإخواني خارجيا وداخليا قد شهدوا وتأكدوا بأن جوهر أيديولوجيتها واستراتيجيتها يقوم علي ممارسة الإرهاب الذي لا علاقة له بسماحة وإنسانية وأمانة الدين الإسلامي. هل بعد هذا الحدث الإجرامي الذي استهدف حياة وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم من يمكن أن يعتقد في أن لهذه الجماعة أهدافا سلمية؟.. هذا النفر النفعي الانتهازي تعمد اثارة الشكوك حول ما جري من عمليات قتل وتدمير وتخريب.. فما هو الموقف الآن بعد تفجير مدينة نصر الارهابي الذي تم الاقدام عليه وكان نتيجته اصابة العشرات من المواطنين الأبرياء. هل يمكن أن يقبل مواطن مصري أو اي أحد في أي دولة محترمة في العالم أن يحكم مصر مثل هذا التنظيم الإرهابي؟