بمفهومنا المتطرف لاقتصاد السوق الحر أصبحت أرزاق الفلاحين الآن في قبضة ثلاثة وزراء بعد أن صارت العلاقة بين الفلاح والحكومة »سوقية« وليست »انتاجية«!! علاقة سوقية بين بائع وهو الفلاح.. ومشتر وهو وزارة التضامن الاجتماعي.. ووسيط وهو وزارة الزراعة بعد تهميش دورها الانتاجي واختزاله في اعلانها الموسمي لأسعار شراء المحاصيل قبيل حصادها أو كما يقولون بعد ان يقع »الفاس في الراس« ولا يجد الفلاحون مفرا من مساومة الحكومة علي السعر المعلن ومبررهم ارتفاع تكلفة الانتاج في ظل حرمانهم من كل أشكال الدعم الأخري التي يتمتع بها أشقاؤهم في الأمم التي ابتكرت اقتصاد السوق الحر.. بينما تستنكر الحكومة مغالاة الفلاحين وهي تلوح لهم بأسعار أقل في أسواق عالمية بديلة.. وتنتهي »مساومة السوق« في غالب الأحوال باسترضاء الحكومة للفلاحين برفع سياسي للأسعار بشكل يصعب علي وزارة المالية تدبير اعتمادات له ويستحيل علي وزارة التضامن الشراء بدونه.. وتصبح أرزاق الفلاحين تحت رحمة الوزارتين!! وهو ما أسفر عن حالة الكساد والاحباط والاحتقان التي يعيشونها حاليا. التساؤل المطروح هنا لماذا لا تستبدل الحكومة دعم التسويق بدعم الانتاج الأكثر نفعا والأقل تكلفة؟؟ كيف نغير دور وزارة الزراعة الحالي من »وسيط تسويق« إلي »شريك انتاج«؟؟ فإذا علمنا ان دعم الحكومة لشراء القمح من الفلاحين بسعر يفوق الأسعار العالمية قد بلغ هذا العام حوالي 2.1 مليار جنيه لمحصول لا تتجاوز فترة انتاجه ستة شهور.. يمكننا أن ندرك حجم الأعباء المستقبلية المتوقعة لو بقي الواقع الحالي ما لم نستبدله بدعم انتاج من خلال شراكة تعاقدية بين وزارة الزراعة والفلاح تبدأ من نثر البذور حتي الحصاد.. العائد المباشر المتوقع للشراكة هو خفض تكلفة الانتاج وارتفاع عائد الفلاح دون حاجة إلي مساومات ومساويء دعم التسويق واقتصاد »السوء«.