ليس هناك أغرب ولا أخطر مما نراه الآن من إصرار بعض الجماعات والقوي السياسية علي إنكار وتجاهل ما جري في مصر خلال الأيام والساعات الماضية، من اعلان واضح ومحدد عن إرادة الشعب ورؤيته المحددة لهوية الدولة ومسارها نحو المستقبل، وقبوله أو رفضه لما هو قائم. ففي الوقت الذي تابع فيه العالم كله بتقدير وانبهار حالة الخروج الهائل وغير المسبوق للملايين من أبناء الشعب المصري، التي زحفت إلي جميع الشوارع والميادين، في كل القري والمدن والمحافظات لتعلن في لحظة تاريخية بالغة الدلالة عن وجودها وتؤكد إرادتها،...، إذا بنا نري ونلمس إخوان وأشقاء لنا في الوطن ينكرون ما حدث وما جري، ويتجاهلون ماله من معني، وما يستوجبه من رد فعل. وفي هذا نجد أنفسنا أمام حالة غريبة وغير مقبولة علي المستوي الإنساني أو السياسي العام، حيث إننا ازاء حالة غريبة وخطرة أيضا من انكار ما هو قائم وواضح للعيان، نري فيها إصرارا من مجموعة أو جماعة علي إنكار ما جري وما حدث، رغم أن أحداثه جرت ووقائعه تتابعت أمام أعيننا وأعينهم، بل وبمشاركتنا نحن والملايين من أبنائنا وأهلنا جميعا في احداثه ووقائعه. ورغم غرابة حالة الإنكار هذه التي تصر عليها الجماعة واعضائها وجميع المنتسبين لها، إلا أن الأكثر غرابة من ذلك، هو ما شاهدناه من انتقال حالة الإنكار هذه إلي الكوادر القيادية في الجماعة وحزبها، ثم انتقالها إلي المسئولين الكبار عن السلطة السياسية والتنفيذية في الدولة، اللذين يحتم عليهم الموقع والمسئولية اتخاذ خطوات وقرارات واضحة للاستجابة لمطالب وإرادة الملايين التي اعلنتها في خروجها الكبير وغير المسبوق. ولكننا رأينا هم بدلا من ذلك يتجاهلون ما حدث، وينكرون انه يعبر عن إرادة الشعب التي يجب الاستجابة لها، ثم اذا بهم يعلنون ان هذه المطالب لا تعبر عن الشرعية، وأن الشرعية الوحيدة هي في استمرار الوضع علي ما هو عليه، واستمرارهم في مواقعهم،...، ثم ازداد الأمر غرابة وخطرا، عندما راحوا يحشدون مؤيديهم، ويحفزونهم للوقوف في وجه أي محاولة للاستجابة لإرادة الشعب صاحب الشرعية الحقيقي والوحيد، متجاهلين ما يمكن أن ينجم عن ذلك من تهديد لأمن الوطن والمواطنين. أليس هذا أمرا بالغ الغرابة.. وبالغ الخطر أيضاً.