قابلته بأحد الشوارع يسير وحيداً محطم الخطوات تهزه أنفاسه وتخيفه لفتاته وكأني به يردد بين جنبات نفسه كلمات الشاعر كامل الشناوي »كهارب ليس يدري من اين او اين يمضي« ولسان حاله يقول »بعضي يمزق بعضي«. تأملته مليا وهو مشتت الاتجاه زائغ النظرات لعلي أهتدي إلي سر هذا الانقلاب في شخصية جاري الذي أعرفه منذ وعيت علي الدنيا. اقتربت منه وحاورته املاً ان اخفف عنه بعض ما يعاني. ملامحه هي هي كما اعرفها. فلا هو يمتلك »حماس« الثائرين، ولا هو من »اخوان« المتسلطين، وليس شعره معقوصا مثل اولئك »الثوريين«. ولا تعلوه »غترة« المستخلجين، ولا »دشداشة« المستصحرين ولا تبدو عليه »امارات« المرفهين، ولا يمتلك قدرات »الراقصين« علي الحبال، ولا ألسنة »الناشطين« ولا إمكانيات »المتمردين« او استموات »المتجردين« ولا استسهال »المكفرين« ولا بجاحة »الكاذبين« او صفاقة »المضللين« أو »إباحية« الذين لا يختشون. كل اولئك لا يتركون المسكين »مصري« في حاله بل ينكدون عليه حياته ويسدون عليه منافذ الامل ويصيبون الدنيا حوله بانسداد وصراع مزر علي الميادين استباقا ليوم 30 !. وتساءلت مع نفسي: أيهم سيكون قتيلا وأيهم سيكون شهيداً هل سيكونون شهداء رغم أنوفهم يدفع الواحد منهم روحه مغرراً به وتمنحه الدولة لقب ومعاش شهيد بعد ذلك؟