أسئلة كثيرة تطاردنى فى بعض الأحيان، وأعيا فى الإجابة عنها، وأعجز تمامًا عن فهم ما وراءها، لينتهى بى المطاف دائمًا أمام حائط ضخم عالٍ، لا تفسير له إلا فجور الباطل، وصفاقة الكذب، وسماكة جلد الأدعياء، الدجاجلة، لصوص الشعوب.. فلا العقل يستوعب، ولا الدين، ولا المنطق، ولا القانون! قد يميل أبسط التعليلات الأمر لميل للانتحار النفسي، والرغبة فى التخلص من الواقع، تحت عباءة من البطولة الموهومة، أو العمامة الشرعية، أو الغطاء القانوني.. وحقيقته – فيما يبدو لى - هو اشتداد جرعة المخدر العقلى الذى تُسقاه الأمة، عبر وسائل الإفك، الملأى بكائنات جاعورية عضاضة نهاشة، وخفافيش مسائية الظهور، تظل تهسهس طول الليل، متسلطة على عقول الناس، ليبيتوا تحت وطأة كوابيس تجعلهم يكرهون دينهم وأنفسهم ووطنهم، وتريهم الباطل حقًّا لدرجة أن يتمنوا رجوع الجيش لحكم مصر، وأن يهتف مجرم أفاك منهم: ولا يوم من أيامك يا مبارك/ الحقينى يا أمريكا/ ارجعوا يا عسكر! لماذا يحن الناس للجلادين، ويترحمون على أيامهم؟ لماذا يحبون (خنّاقيهم) وسارقيهم، ويقبلون الكف التى تصفع أقفيتهم؟ ابحث معى أرجوك عن إجابة لهذه المعضلات المصرية التى تطفش (أجمد) عقل فى الدنيا، وتدع الحليم حيراناً؟ وأخبرنى سيادتك: هل تندهش مثلي: كيف يتهم مبارك ورجاله بالفساد المالى فقط، وكأن المال نهاية العالم؟ أين محاسبتهم على تدمير قدرات مصر العسكرية؟ أين المحاسبة على الجرائم القانونية، ودوس الدستور، وتفصيل القوانين المجرمة، والترويع بالطوارئ، وانتهاك حرمة الشعب طوال عقود؟ أين المساءلة عن إفساد مصر بتدمير الثقافة، والتعليم، والصناعة، والزراعة؟ ما الوضع القانونى لعملاء إسرائيل الذى حكّموا الموساد فى العقول والقلوب؟ ما عقوبة الذين دمروا مصر بالكامل، ونهبوا ماضى وحاضر ومستقبل 85 مليونًا أكثرهم من الشباب؟ لماذا يحرمون الردح والسب والقذف فى القانون، ويجرمون من تورط فيه، ولو ساعة غضب وتوتر، وبعد طلوع روحه، ويعطون الميكروفونات لمن يسبون الله ورسوله والدين والقرآن والأمة والرئيس والمتدينين والوطنين وكلّ من لم يكن فلاًّ ولا عميلاً لأمن الدولة، ولا خادمًا للنظام؟ كيف يجرؤ المفاضيح الذين سرقوا مصر أن يواجهوا الشعب، ويجتهدون بل يستميتون فى استعادة مواقعهم؟ ووالله لو عادوا فهنيئًا لك يا مصر بذُلِّ الدهر، وتجرُّع طعم الكفر، والتدين بدين العهر! كيف يتحرك أفاعى أمن الدولة السابقون لتدمير البلد، وإشعالها نارًا على رؤوس المصريين، دون أن يمر ببالهم إحساس بعار الخيانة، واللصوصية، والوحشية التى لا تدور ببال إبليس نفسه، وكيف يتركهم الرئيس مرسى حتى اليوم؟ هل هم مجهولون لهذه الدرجة؟ أم هم أقوياء لهذا الحد؟ وما ذنب مئات الألوف الذين أهينت كرامتهم فى مراكز الشرطة، ومسالخ سحل الدول طول العقود السود التى (نعمت) فيها مصر بحكم العسكر؟ كيف يبرئ القضاء (الشاااااامخ) كل رموز فساد مبارك، الذين امتصوا خير البلد، ونهبوه حتى تركوه على الحديدة، ثم ضنوا أيضًا على مصر بالحديدة فسرقوها؟ أين حق الشباب اليائس البطّال الذى لا يحلم أن يطير للفضاء، أو يغوص فى الأعماق، أو يحوز نوبل، بل أقصى أمانيه أن يمتلك لاب توب أو موبايل أصلي، أو يقترب من كامب شرم الشيخ، وحين تشتط به الأمانى يحلم بشقة من غرفتين وصالة، ووظيفة يحس فيها برجولته، ويكبر بها فى عيون والديه الجريحين؟! لماذا يجرمون اعتداء شخص على شخص، ولا يجرمون سحل باشا لشخص وتدميره، وتدمير عائلته بكاملها؟! لماذا يجرمون سرقة جائعٍ جنيهًا من آخر، ويصفقون لسرقة الأمة بكاملها، ويدفعون الناس للهتاف للمجرم (بالروح بالدم) نفديك يا بن ال…؟ وهل بقى فيهم دم أو روح يفدون الخائن بهما؟! كيف للمؤتمن على سلامة مصر أن يستعين بالبلطجية والنخانيخ والشمامين والصيع لتثبيت نظامه، ثم لمحاولة استعادته من الرئيس المنتخب؟ لماذا يحرمون الاتجار بالبشر، ويستبيحون بيع الدولة بما فيها ومن فيها وما سيكون فيها بعد قرن من الزمان؟ لماذا يحرمون التدين بالدين الذى جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى ارتضاه الله تبارك وتعالى دينًا، ويقبلون يد الأنبا، ويصفقون للكنيسة، ولدين الروافض والقاديانيين والبهائيين والبوذيين وعبدة الشيطان والبريص والصراصير، وأى دين آخر غير دين أهل السنة والجماعة؟ كيف يعجر سيادة الرئيس عن اقتلاع (الضروس) الفاسدة فى الفك المصرى من القضاة والإعلاميين ورجال المال والإدارة؟ هل كان اختيار فخامته ليكون الرئيس (الميس)، أم ليكون الرئيس الفاعل المؤثر والربان القادر على قيادة السفينة والإبحار بها وسط الرياح الهوج لشاطئ العزية والأمن والرفاهية؟ كيف يباع البانجو والحشيش والهيروين فى الشوارع أمام المارة، وبرعاية الشرطة فى بعض الأماكن؛ بل وأمام مركز الشرطة أيضًا؟ هل لأن المجد للفساد، والفاسدين، وأصحاب (السر الباتع) والتجار الكبار للصنف؟ كيف صار العرى والدعارة الفنية فنًّا وإبداعًا، وكيف صارت الحشمة إرهابًا وتخلفًا؟ لماذا يحرمون البغاء (قانونًا طبعًا) من ناحية، ويعَهِّرون الأمة كلها من الناحية الأخرى، ويحولون الفن إلى ماخور كبييييييييييييييير، بحجم أفلام عباقرة السينما العربية: ممثلين ومخرجين، وكتابًا، وصبيان عوالم؟ كيف تدخل راقصة أمية هز بطن من صالة كبار الزوار مثل رئيس جمهورية، ويتقدمها سرب موتوسويكلات وجيبات وكروزرات وبودى جاردات، والشيخ المحلاوى من ساكنى السطوح! هل لأن فخامتها أشرف وأعلم، ورسالتها أنبل وأرقى، ومواهبها أكثر وأبهر.. طيب لماذا يحرمون السجائر ويرسمون عليها رئة محترقين، ويكتبون عنها ما فى (القطط الفطسانة) ويتعالنون بالخمر فى محافلهم ومجامعهم ونواديهم وتفاهاتهم – أقصد أفلامهم – وفى كل أحوالهم، ولا يتوارى أكبر رأس فيهم من الجهر بشربها؟ هل يريدونها أمة مساطيل؟ وسؤال آخر يكاد يشل عقلي: لماذا يكاد فخامة الدكتور مرسى يوصلنى وكثيرين غيرى لحافة الجنون بصمته، وغموض مواقفه، وحلمه الزائد عن الحد وعن العقل وعن القانون والمنطق؛ حتى جرأ على الدولة كل أنواع بلطجية؟ طيب.. بين الحين والحين خاطب الناس بشكل مقنع يريح قلوبهم، لعل رجل الشارع العادى يحس بفارق إيجابى يجعله يهتف عند اللزوم لسيادتك – عن استحقاق –: بالروح والدم نحميك ونحمى مصر النهضة، والعزة، والحرية، والعدالة والأمن؟ أرجوك فخامة الرئيس.. ريح قلوب المصريين! [email protected]