هذا مجرد اقتراح, ربما يكون من المفيد الأخذ به ونحن علي أعتاب أيام مفترجة, هي الاحتفال بعيد الثورة(25 يناير), فإن رؤي إهماله, وصرف النظر عنه, فلا ضير ولا مانع أبدا. الاقتراح هو أن تقوم كل واحدة من مؤسساتنا وشركاتنا وهيئاتنا العامة كل في اختصاصه بتعليق قائمة بأسماء العاملين بها, الذين لم تمتد أيديهم إلي مال المؤسسة( العام) فاقتنصته بالمخالفة للوائح والقوانين والضمائر. وليكن اسم هذه القائمة مثلا قائمة الشرف, وربما يكون من الأوقع والأحق تسميتها قائمة المغفلين, أو قائمة المضحوك عليهم! قل لي بالله عليك, ولا تتجمل أو تكذب, ألا يخربش شيطانك أحيانا( إن أنت كنت موظفا في مؤسسة حكومية) علي جدار روحك, ويؤنبك, ويصرخ فيك: أين كنت يا هذا بينما مسلسل السرقات والهبر دائر علي قدم وساق, بينما أنت غاطط في نوم عميق؟ أين كانت يداك بالضبط؟ هل أصابهما الشلل, فلم تمدهما تكبش لك كبشة أو كبشتين؟ الكل في السنوات الماضية سرق حتي شرق( يعني أصابته شرقة من التخمة!) فلماذا تعففت؟ وهل حقا سيادتك تعففت أم جبنت؟ ما من صحيفة تفتحها لتقرأها هذه الأيام, إلا وحدثتك عن سرقات لا حدود لها من المال العام, لها أول وليس لها آخر, كل الكبار هبشوا فلم يردعهم أحد. في الزراعة, والصناعة, والأراضي, والبترول, والإعلام, والصحافة, والبرلمان, والحزب, والمالية, الكل هبر فما خلي( نهيبة يابا.. وبالملايين!) وها هي صورهم تزين صحفنا السيارة كل يوم( هل حقا تزينها؟) فأين كنت أنت يا هذا الكسول؟ وقد كان لافتا حقا, عندما سألوا الرئيس السابق: هل حقا أخذت الهدايا؟ أن يجيب: اسألوا رؤساء مجالس الإدارة, يا سلام يا سيدي.. وكأنك أنت لم تكن بنفسك تعين منهم من تعين وتستبعد منهم من تستبعد.. فهل كانت الهدايا إياها بمنأي عن لعبة التعيين والاستبعاد؟ إنك تشعر وأنت تقرأ هذا الكلام بأنك كنت تعيش في زمن علي بابا( ذهب.. ياقوت.. مرجان.. ساعات.. ألماس.. سيارات جاجوار ومرسيدس وبي إم.. دولارات.. أحمدك يارب!) فإن نظرت حولك تجد عشش الصفيح, وقد طفح بها الكيل والصرف الصحي, ياناس.. كيف سولت لكم أنفسكم استحلال هذا المال الحرام, وحولكم بالقاهرة حزام من العشوائيات, يمتد لأكثر من الف ومائة عشوائية.. وجياعكم40% من الشعب؟ وهنا, قد يجوز لنا أن نقدم التماسا للمحاكم, وللسادة القضاة, والنيابة: أرجوكم اجعلوا أولويتكم القصوي الان حسم هذه الملفات المخزية بسرعة, وحاكموا المذنبين, ليس فقط لإحقاق الحق وإعادته لأصحابه, بل أيضا لوضع حد لهذا الإحساس المشئوم الذين يغلي بداخلنا بأننا كنا مخدوعين. أسكتوا بعدالتكم الناجزة تلك الزمجرة الغاضبة في أرواحنا, والتي تصرخ فينا: لماذا لم تسرق يا هذا, وقد كان كثير ممن هم حولك لصوصا وأفاقين ونصابين؟ كيف حرمت أبناءك من نصيبهم من اليغمة, ومن المال الذي بلا صاحب؟ استغفر الله العظيم.. وهل يأكلون حراما, وكل لحم نبت من حرام النار أولي به؟! نعم.. السرقة حرام, لكن بشرط أن يلقي كل سراق جزاءه, وإلا أصبح هو المثل, وهو القدوة.. فهل يتقدم مجتمع قادته من اللصوص؟ هل ننطلق الي الأمام وقد سقطت فينا فكرة الحلال والحرام؟ الحرامي منا صار هو البطل, بينما الشريف يلطم خديه ويصرخ: لماذا يا هذا لم تمد يدك؟ أين كانت يداك؟ علي كل حال, لن نكل ولن نمل من المطالبة بمحاسبة السراقين وإنزال العقاب المناسب بهم حتي تسترد قيم الأمانة والصدق والشرف اعتبارها, وكي يعود الشرفاء يتصدرون المشهد, ويرددون مع الراحل الفذ توفيق الدقن: أحلي من الشرف ما فيش! المزيد من مقالات سمير الشحات