هكذا الشعوب دائما..يصعب التنبؤ بيوم غضبها وثورتها. الأدلة علي ذلك كثيرة..لكن أقواها ما يحدث الآن في تركيا.. فمنذ شهور وربما اسابيع قليلة كانت التجربة التركية الاردوغانية نموذجاً ومرجعاً يضرب به الامثال..وفجأة انقلبت الاوضاع وأصبحت حكومة اردوغان في مهب الريح. العالم كله يتابع الاحتجاجات العنيفة وسط دهشة شعوبه وقلق حكامه وتكهنات المحللين.. فهل أفاق الشعب التركي فجأة..هل اكتشف ان الحكومة خدعته ببعض مظاهر التنمية الاقتصادية والاصلاحات الوهمية..هل انكشف وجه اردوغان الحقيقي بعد ان خدع العالم كله بوجه ديمقراطي زائف ام أن كرسي السلطة الملعون غيره فخان العهد مع كل من انتخبوه!! أيا كانت حقيقة اردوغان.. فلاشك انه صدم مؤيديه قبل معارضيه بتصريحاته الاخيرة.. فمثله مثل كل زعيم متسلط يصف المظاهرات بالمؤامرة الخارجية ويصف المتظاهرين بالقلة المتآمرة ومجموعة اللصوص.. ويصر علي تنفيذ القرارات التي اثارت شعبه..ويصر قبل كل شيء علي ترك بلاده في هذه الازمة واتمام جدول رحلاته الخارجية..وكأن كل ما يعنيه هو صورته امام العالم غيرعابئ باستفزاز ابناء وطنه. الحقيقة التي يجب أن يدركها اردوغان ان تقطيع اشجار ميدان التقسيم ليس السبب الحقيقي لاحتجاجات شعبه.. بل السبب هو الممارسات الخانقة التي يحاول حزبه فرضها علي الشعب وعلي حرية التعبير والإعلام..وأن الاحتجاجات زادت حينما استخدمت الشرطة العنف مع المتظاهرين .فهل يستفيق اردوغان قبل فوات الاوان..هل يحاول استعادة شعبيته ويتذكر نصيحته للرئيس السوري:" أن تحارب حتي الموت ضد رغبة شعبك ليس عملا بطوليا".