كان فى أعيننا عظيماً. زعيماً يجمع بين شعبية عبدالناصر ودهاء السادات والحكمة التى كان مبارك يتمسح بها. كان إصلاحياً، لا يخجل من أصوله البسيطة كبائع للبطيخ، لأن هدفه فى النهاية هو مصلحة المواطن التركى البسيط. كان «أردوغان» بالنسبة للكثيرين منا حلماً، للحاكم الإسلامى المصلح المعتدل، الذى لا يجعل تدينه يطغى على حكمه، ولا يسمح لحكمه بأن يتأثر بأهواء السياسة، ولا بتشدد الدين. كان ذلك قبل أن يكشف «أردوغان» عن وجهه الحقيقى فى المظاهرات الأخيرة التى اجتاحت تركيا. كان الأتراك على اختلافهم، قد عقدوا مع رئيس وزرائهم اتفاقاً غير مكتوب: «نحن معك ما دمت تقوم بإصلاحاتك فى البلاد، لكننا سنكون ضدك، لو قلت لنا إن ثمن هذه الإصلاحات هو حريتنا وحياتنا». لم يغضب الأتراك لأن أردوغان كان يريد إقامة مشروع للتنمية على حساب أشجار الحدائق فى اسطنبول، لكنهم غضبوا لأن المستفيد الأكبر من هذا المشروع هو شركة ابنه والمقربين منه فى الحزب والجيش!. انتفض الأتراك، كأى شعب فى العالم، ضد فساد حاكمهم الذى يحتمى برداء التقوى والورع. وقرروا أن يقطعوا إصبع «أردوغان» الذى لوّح به مهدداً يكشر عن أنيابه صائحاً: «أقول للمحتجين على اقتلاعنا للأشجار فى سبيل مشروعاتنا، حزبنا هو الذى صنع لكم هذه التنمية!. نحن من زرعنا هذه الأشجار، ونحن من سيقتلعها!». هذه هى ببساطة حقيقة أردوغان: ديكتاتور متسلط!. كلمات مثل «العدالة والتنمية» لا تعنى له أكثر من اسم لحزبه، ولا جدوى لها إلا لو كانت تصب فى مصالح حزبه، ونفسه. لهذا، لم يكن مستغرباً أن يتصرف «أردوغان» تركيا وقت الجد على طريقة حكام مصر: يطالب الشرطة بالتعامل العنيف مع المتظاهرين، ويرى المحتجين ضده على أنهم «مضللون»، ويأمر الإعلام الحكومى بعدم التركيز على المظاهرات، ويطلق تشويشاً على الإنترنت فى ميدان «تقسيم»، ويهدد المعارضة بأنه سيحشد ضدهم مليوناً لو حشدوا ضده 100 ألف. كان أردوغان بالفعل سبباً رئيسياً فى تنمية تركيا، لكن هذه «النهضة» لم تشفع له عندما قرر أن يتبعها بأذى الأتراك فى حريتهم وكرامتهم. فما بالك إذن بمن لا يمنحون شعوبهم تنمية ولا نهضة ولا حرية ولا كرامة؟!. أخبار متعلقة: بداية النهاية: مظاهرات فى 48 مدينة و1000 معتقل ومئات المصابين مظاهرات حول العالم ب12 لغة: أنقذوا تركيا من حكامها «انسحاب الشرطة» فى تركيا على طريقة «الانفلات الأمنى» فى مصر «أردوغان» ل«المعارضة»: أنا قادر على حشد المليونيات أكثر منكم «مرسى» يصمت أمام المظاهرات.. و«أردوغان»: «الاعتراف بالخطأ فضيلة» الانتفاضة التركية.. جمهورية أتاتورك تواجه «الدولة العثمانية» «الجارديان»: ابن أردوغان ورجاله هم المستفيدون من «مشروعات التنمية» الولاياتالمتحدة تقود التقارب «الإخوانى التركى» لمواجهة المد الإيرانى وحماية إسرائيل النباتات تشعل الثورة: فى مصر ضد «بديع».. وفى تركيا ضد «أردوغان» سياسيون وخبراء: أحداث تركيا ستؤثر سلباً على الإسلاميين بالمنطقة