في الستينيات.. وأنا وجيلي نحاول بناء كياننا الثقافي وثقافتنا السينمائية وكان السفر إلي الخارج نادرا والمطلوب شراؤه كثيرا فترة حكم عبدالناصر بهرني اكتشافنا لمكتبة في لندن تبيع سيناريوهات الأفلام العالمية الشهيرة بعد ترجمتها إلي الإنجليزية وإصدارها في كتب.. وكنا أنا وجيلي ومنهم رءوف توفيق مؤلف الكتاب الذي أتحدث عنه اذا ما سافر أحدنا.. لا يفوته أن يشتري سيناريو أو اثنين.. ويعيرها لزملائه عقب عودته!! وأعجبتني فعلا فكرة ان نضع الفيلم بين ضفتي كتاب.. وتساءلت لماذا لا يحدث ذلك وينتشر مثل المسرحيات مثلا؟!.. وكان توفيق الحكيم يسمي ما يكتب من مسرحيات »المسرح الذهني« لأنك عليك قبل ان تقرأ مسرحيته أن تنشيء في ذهنك مسرحا تدور علي خشبته الأحداث التي ستقرأها! طبعا الأصل في المسرحية ان تعرض لكن لا يمنع ذلك ان تقرأ أيضا.. والفيلم أيضا الأصل ان يعرض ولكن لا مانع أبدا ان يقرأ. وكنت قد أعجبت جدا بفيلم رءوف توفيق »زوجة رجل مهم« الذي لعبت بطولته ميرفت أمين أمام أحمد زكي.. واعتبرته أجمل وأعظم ما كتبه المؤلف للسينما وأهم ما أخرجه علي الشاشة محمد خان واحتفت به كل الأوساط وعرض في عدد كبير من المهرجانات الدولية لكن الأهم من ذلك كله انه صدر في كتاب أخيرا حيث اختاره أحمد الخضري رئيس تحرير سلسلة »آفاق السينما« واهتمت أقلام النقاد بالفيلم وحرص المؤلف ان يضيف مقتطفات من مقالات النقاد في آخره، وأذكر انني كتبت عنه في »الأخبار«: ان سيناريو الفيلم هو البطل الأول له.. وتبدو فكرة استخدام أغاني عبدالحليم حافظ للتعبير بها عن عصر الرومانسية الذي انتهك بكل ما شمل واقعنا بعد ذلك من خشونة ورعونة.. فكرة عبقرية وضع لها المخرج محمد خان. كل امكاناته.. ولذلك اخترت للمقال عنوان: »من قتل الرومانسية في حياتنا؟!«. بنفس احساسي بالمتعة وأنا أشاهد الفيلم تكرر احساسي بالمتعة وأنا اقرأ السيناريو وهو ما يؤكد ان البطل الأول للفيلم هو السيناريو مازلت أتحمس لفكرة طبع سيناريوهات الأفلام.. وأرجو أن يكرر الأستاذ الخضري الفكرة كثيرا.. وكان قد بدأها مع سيناريو المسلسل التليفزيوني »قاسم أمين« وكان أخاذا في قراءته كما كان أخاذا عند عرضه مع كاتبه المتميز محمد السيد عيد وان احتاج إلي أن يصدر في جزءين لكنه يستحق! أكد لي الأستاذ الحضري أنه متحمس لنشر السيناريوهات في كتب علي أن تكتب بشكل الرواية أي علي سطور متتابعة.. أكدت له ان هذه هي الطريقة في السينما الأمريكية لكننا في السينما المصرية تعودنا أن نكتب وصف المشهد علي يمين الصفحة ثم الحوار علي يساره.. أجاب علي المؤلف ان يعيد كتابة ما كتبه اذا أراد أن يظهر في كتاب. قلت: انها وسيلة رائعة لأن يصبح للأفلام انتشار المسرحيات في الكتب. زووم أوت: عزيزي رءوف توفيق مبروك مرتين الأولي للفيلم والثانية للكتاب!