حينما تسود الفوضي ويلقي الركود ببراثنه علي ساحة السينما تظهر الأفلام الرديئة التي يطلق عليها تأدبا "أفلام المقاولات" لتنحرف بالفن الجميل لتحوله إلي سلعة لاأكثر ولا أقل!. فكأنه لايكفي السينما ما تمر بها من أزمات حتي تعود لنا بقوة هذه النوعية من الأفلام التي تصور في وقت قصير جدا وبميزانية محدودة لتقدم لنا غالبا فيلما سطحيا لايخلو من سذاجة لتمثل بذلك خنجرا جديدا في قلب السينما المصرية. وقد طرحت تلك الظاهرة عدة تساؤلات عن سر العودة القوية لأفلام المقاولات الآن؟ وكيف نواجهها؟ وهل يمكن أن يكون لها بديل علي غرار ما يحدث في السينما المستقلة حيث تنتج أفلاما بميزانية محدودة ولكنها هادفة؟ عن هذه التساؤلات أجاب الناقد طارق الشناوي "أفلام المقاولات دائما موجودة ولم تختف يوما، وهي أحيانا تظهر بقوة وأحيان أخري تتواجد في مساحة الظل، ففي أوقات الأزمات نجد أفلام المقاولات بكثرة وفي أوقات الازدهار نجد عددا قليلا منها فقط ينتج، وفي ظل حالة التراجع الإنتاجي التي نعيشها الآن حيث لاتوجد ملايين ينفقها المنتجون علي أفلام لا يضمنون إن كانوا سيستردونها أم لا.. تظهر لنا بقوة هذه الأفلام المحدودة الميزانية وهي تنتج في النهاية للقنوات الفضائية المتزايدة يوما بعد يوم أو لتباع علي إسطوانات دي في دي".. وأضاف الشناوي " في رأيي الشخصي أفلام المقاولات لايجب أن نمنعها لأن لها وجها إيجابيا فمن الممكن أن نخرج من كل عدة أفلام منها بموهبة سواء فنانا أو مونتير أو حتي مخرجا فهي بالرغم من كل شيء تمنح المواهب الجديدة فرصة للظهور". وردا علي سؤالنا: هل يمكن أن يوجد لها بديل أفضل علي غرار مانراه في السينما المستقلة أجاب "هذا جانب آخر مختلف من الفكر فهناك مخرج أو فنان يهمه أن يعبر عن طموح وعن فكر، وهناك من يسعي للربح المادي ولهذا يلجأ للشركات التي تنتج هذه النوعية من الأفلام وهي بالمناسبة اقتصاديا مربحة". الناقد أحمد بهجت رأفت لم يأت رأيه بعيدا فقال "الآن دور العرض لاتحمل ربحا لأي فيلم سينمائي سواء أفلام المقاولات أو غيرها، ولكن بصفة عامة أفلام المقاولات أصبحت تنتج للتليفزيون لسد طاقة القنوات الفضائية المتزايدة، ولهذا يجب أن نتساءل هل هذه القنوات لديها القدرة لتحدد جودة الأفلام المقدمة أم أنها ستعرض أي أفلام كانت؟". ومن جانبه قال الناقد أسامة الشاذلي "عادت هذه النوعية بسبب التخوف من عدم الاقبال الجماهيري نتيجة للظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ولهذا توقفت الكيانات الإنتاجية الكبيرة ، بينما نشطت عملية الإنتاج الرخيص أو ما يسمي سينما المقاولات، بهدف تسويق إنتاجها للفضائيات دون الحاجة للعرض السينمائي وتغطية تكاليفه والربح من خلاله"..وأضاف "أما إمكانية استبدال أفلام المقاولات بأفلام أخري هادفة تحمل فكرا ورسالة مثلما تفعل السينما المستقلة فالإجابة إنه الاستسهال، والتفكير بعقلية لماذا نبذل مجهودا ونعمل سينما بجد؟ بالإضافة إلي غياب المنتج الفنان فقد أصبح الموضوع برمته ليس أكثر من عملية تجارية بحساب المكسب والخسارة.. في النهاية للأسف فقد أصبح الابتذال أحد أهم معالم العصر الذي نعيشه". وعن كيفية مواجهتها قال "يجب أن نواجهها إعلامياً، وعلي أرض الواقع لابد أن يكون لشركات الانتاج الكبيرة وقفة، وعلي النجوم الكبار أن يقبلوا تخفيض أجورهم في ظل الأزمات التي تعانيها السينما الآن وأهم شيء هو دعم السينما المستقلة، التي هي في رأيي الميلاد الحقيقي للسينما في مصر بعد نكسة طال أمدها". وفي الوقت نفسه قال السينارست والمنتج محمد حفظي "عادت هذه النوعية بسبب الأزمات الكثيرة والمتلاحقة التي نعيشها، وهي أفلام رديئة ونحن لانملك الكثير في مواجهتها سوي أن نبتعد عنها بمعني آخر مادام ليست هناك قوانين تمنع إنتاجها ولها قنوات فضائية تشتريها وهناك مخرجون ومنتجون وممثلون يعملون فيها إذن فليقاطعها الجمهور سواء في قنوات أو في دور عرض". وأضاف "بالنسبة للبدائل فدائما هناك بدائل أفضل ولكن لمن يبحث عنها، وبالنسبة لفكرة أن يقلل النجوم أجورهم فلا أظن أن هذا حلا يسهم في تحقيق شيء لاسيما ان التليفزيون قد أتاح لهم من خلال الدراما بدائل أخري".ش