يدخل فى العاشرة مساء اليوم منتخبا البرازيلوهولندا الى ملعب "مانيه جارينشا الوطني" فى برازيليا وهما يتمنيان لو يتخذ الاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" قرارا استثنائيا بالغاء مباراة المركز الثالث لمرة واحدة، وذلك لان أيا منهما لا يرغب فى خوض هذه المواجهة. فقد بدأ المنتخبان بطولة كأس العالم الحالية وكل منهما يسعى لإحراز اللقب العالمي، لكنهما تعرضا لخيبة امل كبيرة بخروجهما من الدور نصف النهائي. ومن المؤكد ان ايا من المنتخبين لم يضع فى حساباته قبل انطلاق العرس الكروى العالمى خوض ما يعرف بمباراة جائزة »الترضية«، فالبرازيل كانت تحلم بتعويض خيبة 1950 حين خسرت النهائى على ارضها امام الاوروجواي، وهولندا كانت تريد العودة لأمستردام حاملة الكأس بعدما كانت فى 2010 قاب قوسين او ادنى من احراز اللقب العالمى الاول فى تاريخها قبل ان تخسر أمام إسبانيا. وبدا منتخب الطواحين الهولندية مستعداً اكثر من اى وقت مضى لكى يفك عقدته مع النهائيات العالمية بقيادة مدرب محنك بشخص لويس فان جال وبتشكيلة متجانسة بين مخضرمين وشبان واعدين. وكانت هولندا التى يطلق عليها اسم (البلاد المنخفضة) قد وقفت ثلاث مرات عند حاجز النهائي، فخسرت امام مضيفتها المانياالغربية 1-2 فى زمن "الطائر"يوهان كرويف عام 1974، ثم النهائى التالى على ارض الارجنتين ، قبل ان تخسر النهائى فى 2010. فى تصفيات 2014، ضربت هولندا بقوة كما جرت العادة فى السنوات الاخيرة، فحصدت 28 نقطة من 30 ممكنة فى طريقها الى البرازيل، بينها فوز ساحق على المجر 8-1 فكانت اول المتأهلين الى بلاد السامبا، ثم بدأت مشوارها فى النهائيات باستعراض نارى امام اسبانيا حاملة اللقب وثأرت شر ثأر من إسبانيا باكتساحها 5-1، لكنها عادت بعدها لتعانى بعض الشيء امام استراليا (3-2) ثم تشيلى قبل ان تتخلص من المكسيك فى الدور الثانى بصعوبة بالغة 2-1. ثم قدم الهولنديون اداء هجوميا رائعا امام كوستاريكا لكن الحظ والحارس كيلور نافاس وقفا بوجههم ما اضطرهم للجوء الى ركلات "الحظ"الترجيحية التى اثبت فيها فان جال انه مدرب استثنائي. وعبر فان جال عن ضيقه بخوض مباراة تحديد المركز الثالث بقوله أنه يعتقد بأنه لا يجب ان تقام هذه المباراة لأن ايا منهما لا يتمتع بالحافز الكافى لخوضها، خصوصا اذا كان هذان المنتخبان من عيار هولنداوالبرازيل وليس تركيا او كوريا الجنوبية. ويمكن القول ان »مصيبة« فان جال والهولنديين تعتبر نقطة فى بحر "كارثة" البرازيليين الذين تعرضوا لخسارتهم التاريخية امام الالمان (1-7) فى نصف النهائى ، فهم مضطرون الان لتجاوز هذه الصدمة المعنوية "المحطمة"لخوض اليوم. من المؤكد ان المدرب البرازيلى لويز فيليبى سكولارى ولاعبوه كانوا يفضلون "النحيب"على ما حدث لهم فى تلك الليلة المشؤومة فى منازلهم وبين عائلاتهم، لكن عوضا عن ذلك هم مضطرون الى مواجهة جمهورهم الغاضب فى برازيليا من اجل هذه المباراة »الشرفية« التى سترفع من حدة النقمة الجماهيرية عليهم فى حال عجزوا عن تحقيق الفوز. وكيف بامكان لاعبى البرازيل التفكير بهذه المباراة وهم محطمون معنويا؟ وكيف سيكون بامكان سكولارى الوقوف فى ارضية الملعب بمواجهة جمهور كان يتطلع لتعويض ما فاته عام 1950، لكنهم وجدوا انفسهم بعد المباراة ضد المانيا امام »كارثة« وطنية حقيقية لما تعنيه كرة القدم لهذا الشعب الشغوف بكرة القدم ؟! وبرغم الهزيمة الثقيلة، فإن سكولارى يرفض الاستسلام مؤكدا أنه ما زال امام الفريق عمل يجب القيام به، ويجب على الفريق أن يلعب بشكل جيد فى مواجهة اليوم أمام هولندا. التقى المنتخبان البرازيلى والهولندى ثلاث مرات اخرى خلال النهائيات، الاولى تعود الى عام 1974 حين فازت هولندا يوهان كرويف 2-صفر فى الدور الثاني، والثانية عام 1994 حين فازت البرازيل 3-2، والثالثة عام 1998 حين خرجت البرازيل فائزة فى نصف النهائى بركلات الترجيح بعد تعادلهما 1-1 فى الوقتين الاصلى والاضافي. وتواجه الطرفان فى سبع مباريات ودية، فازت البرازيل باثنتين منها وهولندا بواحدة وتعادلا فى اربع. وقد تكون عواقب خوض مباراة المركز الثالث بوجود سكولارى وخيمة فى حال الخسارة، خصوصا فى ظل الاجواء المضطربة التى سادت بعد المباراة امام المانيا. فى السابق، اعتاد المدربون على اشراك الاحتياطيين المتحفزين فى مباراة تحديد المركز كشكر لهم على مساهمتهم فى حملة بلادهم فى النهائيات، لكن هذا الامر مستبعد جدا مع البرازيل لانها مطالبة بالفوز وبطريقة مقنعة وممتعة لكى تنسى جمهورها خيبة الثلاثاء ولو لتسعين دقيقة ستكون بمثابة الدهر على اللاعبين الذين سيخوضون هذه المباراة. ويبقى معرفة اذا كان سكولارى سيشرك برنارد مجددا بعدما دفع به ضد المانيا كبديل لنيمار المصاب وسط تعجب الصحفيين والجمهور ، ومن المتوقع ان يجلس برنارد مجددا على مقاعد الاحتياط بجوار دانتى الذى بدا وكأنه هاو فى قلب دفاع »سيليساو«. اما بالنسبة للعناصر الاخرى مثل دافيد لويز ، او لويز جوستافو ، او فريد الذى كان حاضرا غائبا فى جميع المباريات دون ان يمنع ذلك سكولارى من اشراكه اساسيا، فلا يوجد هناك اصلا البدلاء الذين بامكانهم تجنيب بلادهم »مهزلة« اخرى فى برازيليا وهذه المرة