ابنتي ما تزال لم تصل للثالثة من عمرها، كل مرة ترتكب خطأ نعنفها وأحيانا نعاقبها (عقاب لا يتجاوز الخصام) وتظل تعتذر (سوري يا بابا، وسوري يا ماما ومش هاعمل كدة تاني)، هل ترتدع؟ لا.. تكرر نفس فعلتها مجددا بنفس الكيفية، ولكن مرة في الخفاء ومرة جهارا وبعناد.. طفلة هكذا هو عمرها وهذه هي طبيعة الأطفال، وطبعا وداعة عقابنا وعدم قدرتنا على الصمود في خصامها يجعلها تتمادى في فعلتها ويجعلها تكررها دون خوف ومتناسية اعتذاراتها.. هكذا تفعل ابنتي.. وهكذا يفعل محمد أبو تريكة نجم النادي الأهلي والنجم الأول والأشهر والأفضل في مصر حاليا.. كثيرون من النقاد الرياضيين هاجموا أبو تريكة على فعلته في العام المنقضي عندما رفض المشاركة في كأس السوبر المصرية في مواجهة إنبي، الاعتذار الذي اعتبرناه كسرا لقواعد الاحتراف وضربا للالتزام بعرض الحائط وفي الوقت نفسه أحد الأمور التي وضعت تريكة في مواجة زملاء الفريق فاعتذاره جعلهم جميعا يظهرون وكأنهم مقصرين أو باعوا دم شهداء الفريق.. وهاج الناس وماجوا، وصبوا لعناتهم علينا، حتى خرج أبو تريكة نفسه ليعلن أنه أخطأ، بل واعتبر فعلته في حواره لسي إن إن في نسخته العربية اعتبرها الفعلة الأسوأ له في مسيرته مع النادي والقرار الأكثر خطأ الذي اتخذه في مسيرته.. ولأن القرار الأكثر خطأ في مسيرته تم التعامل معه بلين وحب وحنان أبوي، وتم التسامح مع الفعلة في ثواني لأن النادي احتاج حضنه وحنانه أمام الترجي، يكرر أبو تريكة الخطأ نفسه مجددا بطريقة أخرى وبشكل مختلف، يكرر الخطأ بإصراره على حضور جلسة النطوق بالحكم على المتهمين بقتل الشهداء في مذبحة بورسعيد! أبو تريكة قد يكون غرضه شريف، ونيته سليمة بل على الأغلب هو كذلك، ولكن مجرد الحضور للمحاكمة قد يثير مشاكل وأزمات لا حدود لها.. فمن جهة فالحكم لن يكون عادلا من وجهة نظر جماهير الأهلي، وكذلك لن يكون بالنسبة لأهالي المحاكمين وفي كلتا الحاليتين ستنشب خلافات سيضع هو نفسه فيها دون أي مبرر.. ومن الجهة الأخرى فحضوره أيضا يعني أنه هو الوحيد المهتم من لاعبي الأهلي، بينما الباقون باعوا القضية، وإلا لماذا لا يحضرون جميعا؟! تماما كما أدت فعلته في المرة الأولى من احتقان مع زملاء الفريق فسيفعلها مجددا بنفس الطريقة ونفس الأسلوب.. أبو تريكة نجم محبوب، محترم، له فكر ورؤية، شاب ملتزم وصاحب قضية ولكن لابد له من حساب أموره، لابد له من مراجعة النفس والظروف المحيطة قبل اتخاذ قرارات فهو ليس شخصا عاديا يتخذ قرارا عاديا، ولكنه نجم مصر والنادي الأهلي الأول وبالتالي فكل قرارا وكل خطوة يخطوها لابد له أن يحسبها ويحسب تبعياتها.. لا أطالب بتشديد العقاب على أبو تريكة لمجرد تفكيره الحضور لجلسة النطق بالحكم، ولكن أطلب منه أن يبتعد عن هذه الخطوة وعن التواجد في الجلسة التي على الأغلب ستكون شهادة وفاة الدوري المصري قبل أن يولد.. أطلب منه لأن تكرار الأخطاء والعناد من شيم الأطفال وأبو تريكة ليس طفلا! زياد فؤاد لمتابعة الكاتب على تويتر اضغط هنا