عن جابر رضي الله تعالي عنه قال( خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم, فقال: يا أيها الناس, إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف علي مجالس الذكر في الأرض, فارتعوا في رياض الجنة, قالوا: وأين رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: مجالس الذكر, فاعدوا, وروحوا في ذكر الله, وذكروه بأنفسكم, من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر كيف منزله الله عنده, فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه إن مجالس العلم هي مجالس الذكر, وهي خير المجالس التي تعطر بها الأفواه, وتجلي بها القلوب وتغسل بها الذنوب ونتقرب بها إلي علام الغيوب, وهذه المجالس هي ما يكفر بها مجالس السوء, وإن الرجل يخرج من منزله وعليه من الذنوب مالل يحاط به علما, ويذهب إلي درس العلم ويجلس مع إخوانه تاليا للقرآن الكريم, أو مسبحا أو مستغفرا في المسجد أو في غيره, ثم يعود من مجلسه وقد تبدلت سيئاته حسنات. وهذه المجالس تنقلنا من الشك إلي اليقين, ومن التكبر إلي التواضع, ومن العداوة إلي النصيحة, من الرياء إلي الإخلاص, ومن الرغبة إلي الزهد. ويتعلم المسلم من هذه المجالس الأدب مع الله تعالي ومع رسول صلي الله عليه وسلم, ومع أهل العلم ومع طالبي العلم, حتي يصل إلي تحقيق معني الخشية كما أرادها الله تعالي( من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب(33)( ق). وإن الله تعالي ينزل العبد لديه علي قدر خشيته ومهابته وحضور قلبه ووجله وعلو همته( وأما من خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوي(40) فإن الجنة هي المأوي(41)) النازعات. ومن أعظم الأجر الذي ينعم الله تعالي به علي الذاكرين له في مجالس الذكر أن الله تعالي يقيض لهم ملائكته تصلي لهم وتدعو لهم بالرحمة حتي انتهاء المجلس, فعن أبي هريرة, أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: أفضل الرباط انتظار الصلاة, ولزوم مجالس الذكر, وما من عبديصلي ثم يقعد في مقعده إلا لم تزل الملائكة تصلي عليه حتي يحدث أو يقوم.