عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر, وإن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير, فطوبي لمن كان مفاتيح الخير علي يديه, وويل لمن جعل مفاتيح الشر علي يديه اللهم صل وسلم وبارك علي سيدنا محمد وآله, ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم. إن الحديث النبوي الشريف يعلمنا أن من الناس من يكونون كالعافية لغيرهم, إن حضروا أفادوا واحسنوا وإن تكلموا نفعوا وارشدوا, وإن وجهوا أخلصوا وصدقوا, وقليل ما هم, ومن الناس من يكونون كالعلة أو الداء, إن حضروا كانوا بلاء أو عناء, وإن تكلموا أفسدوا, وإن تعاملوا أساءوا( وما يستوي الأعلي والبصير(19) ولا الظلمات ولا النور(20) ولا الظل ولا الحرور(21) ومايستوي الاحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور(22))( فاطر) وإذا توقفنا عند بعض الكلمات المحورية في الحديث الشريف, فإننا نجد تدفقا بلاغيا وأدبيا فريدا, فما مفاتيح الخير؟ إن مفاتيح الخير جمع مفتاح, وهو في الأصل كل ما يتوصل به إلي استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها, ومن كان بيده مفتاح شئ مخزون سهل عليه الوصول إليه. والخير هو ما يرغب فيه, وهو الشئ المرغوب دائما الذي يحقق المنفعة والفائدة, كما قال عز وجل( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون(77))( الحج), فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره(7))( الزلزلة) ولذلك فإن المعاني الواردة في الحديث الشريف تحفز المسلم إلي فعل الخيرات حتي يكون من أهل طوبي والنعم وذلك عندما يجعل الله تعالي الخير علي يديه, وإنها لمنزلة عظيمة أن يكون المسلم ممن يرجي خيره ويمنع أذاه. وفي الوقت ذاته يتجنب المسلم أن يكون من أهل الويل والثبور, وذلك عندما يسعي بالشر للناس, عندما لا يرجي خبره, ولا يمنع أذاه, ولا يكون معوانا علي الخير ومعاديا للشر. وإن في هذه المقابلات البلاغية العظيمة التي اشتمل عليها الحديث الشريف ما يجعل من يقرأ الحديث أو يستمع إليه يتدبر حاله في الحالتين, وأين هو من المنزلتين؟.