إن نزول دم الحيض علي المرأة يمنعها من أداء بعض العبادات شرعا كالصلاة والصيام لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال للنساء: أليس إحداكن تمكث الليالي لا تصلي, ولا تصوم, وفي رواية أخري: أليس إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم, كما يمنعها من قراءة القرآن, لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن, ويمنعها كذلك من الطواف بالبيت, والسعي بين الصفا والمروة, لما روي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لعائشة بعد أن نزل عليها دم الحيض, وهي متلبسة بأداء الحج معه: افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتي تطهري, وقال لأسماء بنت عميس, وقد حاضت في الحج: افعلي كل ما يفعل الحاج, غير أن لا تطوفي بالبيت, ولا تسعي بين الصفا والمروة ويمنعها نزول دم الحيض من دخول المسجد لحضور درس علم أو نحوه, أو لغير ذلك, لما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب. ولهذا فقد تلجأ المرأة إلي اتخاذ وسيلة تؤخر بها نزول دم الحيض فترة من الزمن حتي تنتهي من صيام وجب عليها أداء أو قضاء, أو تفرغ من أداء مناسك الحج أو العمرة, أو لتتخلص من آلام الحيض وما يصاحبه من اضطرابات بدنية تؤثر علي الاستيعاب والتركيز, إذا كانت تؤدي الامتحان. ويري الأطباء أنه بإمكان المرأة أن تؤخر نزول دم الحيض عليها لمدة أسبوع قبل موعد نزوله المعتاد, إذا تناولت قرصا من أقراص منع الحمل يوميا, حتي تنتهي من الأعمال التي تلبست بها, والتي ترغب في عدم نزول دم الحيض عليها أثناءها, فإذا ما توقفت عن تناول هذه الأقراص فإن الدم ينزل عليها في خلال ثلاثة أيام من تاريخ التوقف, وهناك وسائل أخري غير هذه يمكن بها تأخير نزول دم الحيض, أسفرت عنها الطفرة الهائلة في المجال الطبي. ولا يمتنع عند فقهاء المسلمين جواز تناول المرأة دواء, أو اتخاذها وسيلة تؤخر بها نزول دم الحيض عليها, حتي تنتهي من العبادات أو نحوها, إذا ما تلبست بها, ورغبت في الفراغ منها قبل موعد نزول دم الحيض, إذا لم يترتب علي تناولها هذا الدواء, أو اتخاذها هذه الوسيلة الإضرار بها, ويحكم بالطهر لمن رفعت حيضتها عن النزول في وقتها المعتاد, وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سئل عن الحائض تشرب الدواء ليرتفع حيضها حتي تطوف وتنفر, فأجاز ذلك, ووصف لها ماء الأراك, بل إن فقهاء الحنابلة يرون جواز تناول المرأة دواء لقطع الحيض مطلقا, إذا كان الدواء مباحا لا يضر المرأة تناوله. ومن ثم فلا حر علي المرأة أن تتخذ وسيلة من دواء أو غيره تؤخر بها نزول دم الحيض عليها حتي تفرغ من الأعمال التي تلبست بها, سواء كانت عبادات أو غيرها, بشرط أن تكون هذه الوسيلة مباحة شرعا, وأن لا يترتب علي اتخاذ المرأة لها الإضرار بها.