أول ذكر لأكسوم أهم الحضارات القديمة في إثيوبيا جاء في كتاب الطواف حول البحر الإريتري وهو دليل ملاحي وتجاري جمعه تاجر من مصر ويرجع تاريخه إلي نهاية القرن الأول الميلادي. ذكر هذا الكتاب مدينة أدوليس التي كانت تعتبر مركزا تجاريا مهما لسن وحيد القرن وحجر الاوبسديان الذي كانت مصر تستورده من هذه المنطقة منذ الدولة القديمة علي أقل تقدير. عثر علي العديد من المباني التي ربما تكون قصورا أو قلاعا ذلك في أكسوم وهذه المباني بنيت من الحجر والطين وعثر علي أربع مجموعات غير منتظمة من المباني التي تحتوي علي حوالي أربعين حجرة تحيط بالجزء الرئيسي من القلعة والتي بنيت فوق قاعدة مدرجة بارتفاع180 سم, كما تم اكتشاف ثلاثة أفران من الطوب المحروق في الجانب الغربي من الموقع السابق. في مطرا علي بعد135 كم جنوب أسمرا عثر علي أربع فيلات كبيرة وثلاث كنائس مسيحية وحي سكني يضم ثلاثين بيتا تقريبا. هناك نوع من المساكن يقع وسطا في الحجم بين القصور والمساكن العادية مما يعكس لنا المستوي الاجتماعي الموجود في مطرا والذي كان يتألف من ثلاث طبقات عليا ووسطي وفقيرة. عثر في أكسوم علي المسلات التي تتشابه مع مثيلاتها المصرية القديمة وعثر في منطقة قوديت علي سبع مسلات تكسوها رسومات منحوتة لم يتبق منها سوي واحدة حيث تحطمت خمس مسلات ونقلت السابعة إلي روما. تستعمل الأواني الفخارية غالبا في الأغراض المنزلية وهي تصنع من الطين الأسود أو الأحمر وهو الغالب وكانت تصقل الأواني بطلاء غير لامع وفي أحيان كثيرة تصقل باستخدام قطع حجرية ناعمة وليس هناك ما يدل علي استخدام عجلة الفخراني. من خلال العملات تم التعرف علي أسماء ثمانية عشر ملكا من ملوك أكسوم, وتم العثور علي بضعة آلاف من هذه العملات, وأغلب هذه العملات مصنوع من البرونز ويتراوح قطرها بين ثمانية إلي اثنين وعشرين ملليمترا ونقش عليها صور الملوك وصور رأس وكتفي الملك. ترجع أقدم حروف أبجدية إلي القرن الخامس قبل الميلاد وهي من أصل جنوبي عربي وهي لغة تشبه اللهجات السامية لجنوب الجزيرة العربية, وترجع النماذج الأولي للخط الإثيوبي إلي القرن الأول الميلادي, وتتألف هذه الأبجدية من حروف ساكنة, والحروف تشبه اللغة العربية الجنوبية لكنها أخذت تتطور أشكالها رويدا رويدا وأصبحت اللغة تكتب من اليسار إلي اليمين بعد أن كانت تكتب في اتجاهات متغيرة. ويطلق علي هذه اللغة إسم الجعزية وفي القرن الخامس تقريبا ترجم الكتاب المقدس إلي هذه اللغة. تم العثور في بعض المواقع في أكسوم علي بعض الفخار المستورد من مصر, وعثر أيضا علي العديد من الأدوات والأواني المستوردة من مصر ومن بلاد النوبة مما يعكس لنا الرواج التجاري بين هذه المناطق. كانت أكسوم تستورد من مصر الحبوب والنبيذ والملابس وتماثيل المعبودات المصرية مثل حتحور وبتاح, واللوحات التي تسمي لوحات حورس السحرية والتي ينقش عليها حورس واقفا علي تمساح ومسيطرا علي قوي الشر مثل الثعابين والعقارب والتماسيح. كانت أكسوم هي نقطة التجمع الكبري للعاج, وكانت الأفيال الإثيوبية ذات قيمة كبيرة منذ عهد البطالمة حيث كانت تستخدم في الحروب بالاضافة إلي الاستفادة من أنيابها. آن الآوان أن نتعلم من تاريخنا القديم أن علاقات الأمم مع بعضها البعض تربطها المصالح المشتركة ويكفينا ما كان لمصر من وضع متميز في إفريقيا, وكم وقفت وساندت هذه الدول القضايا العربية في المحافل الدولية ولذلك علينا وضع خطة مستقبلية لإعادة هذه العلاقات مع إفريقيا التي تمثل العمق الاستراتيجي ليس لمصر فقط ولكن للعالم العربي كله.